للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ إِنَّ مَعْنَى بُدُوِّ الصَّلاَحِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْجُمْهُورِ وَالْحَنَفِيَّةِ، فَبُدُوُّ الصَّلاَحِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ هُوَ ظُهُورُ مَبَادِئِ النُّضْجِ وَالْحَلاَوَةِ بِأَنْ يَتَمَوَّهَ وَيَلِينَ فِيمَا لاَ يَتَلَوَّنُ، وَأَنْ يَأْخُذَ فِي الْحُمْرَةِ، أَوْ السَّوَادِ، أَوْ الصُّفْرَةِ فِيمَا يَتَلَوَّنُ. وَهُوَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ تُؤْمَنَ الْعَاهَةُ وَالْفَسَادُ. (١)

بَيْعُ الثِّمَارِ الْمُتَلاَحِقَةِ الظُّهُورِ:

١٣ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الثِّمَارِ الْمُتَلاَحِقَةِ الظُّهُورِ:

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لأَِنَّ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا مَعْدُومٌ، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الإِْنْسَانِ (٢) ، وَلِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ، ثُمَّ هِيَ ثَمَرَةٌ لَمْ تُخْلَقْ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا كَمَا لَوْ بَاعَهَا قَبْل ظُهُورِ شَيْءٍ مِنْهَا.

وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مَا لَوْ حَصَل الاِخْتِلاَطُ قَبْل التَّخْلِيَةِ فِيمَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّلاَحُقُ وَالاِخْتِلاَطُ، أَوْ فِيمَا يَنْدُرُ فِيهِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لاَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَبِيعِ؛ وَلإِِمْكَانِ تَسْلِيمِهِ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالإِْجَازَةِ؛ لأَِنَّ الاِخْتِلاَطَ عَيْبٌ حَدَثَ قَبْل التَّسْلِيمِ.


(١) المراجع السابقة
(٢) حديث: " نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان. . . " ورد من حديث حكيم بن حزام قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تبع ما ليس عندك " أخرجه الترمذي وحسنه (تحفة الأحوذي ٤ / ٤٣٠ - ط المكتبة السلفية) .