للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعْزِيرُ السَّاحِرِ الَّذِي لَمْ يَسْتَحِقَّ الْقَتْل:

١٧ - صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ السَّاحِرَ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ لِلْقَتْل، بِأَنْ لَمْ يَكُنْ سِحْرُهُ كُفْرًا وَلَمْ يَقْتُل بِسِحْرِهِ أَحَدًا، إِذَا عَمِل بِسِحْرِهِ يُعَزَّرُ تَعْزِيرًا بَلِيغًا لِيَنْكَفَّ هُوَ وَمَنْ يَعْمَل مِثْل عَمَلِهِ، وَلَكِنْ بِحَيْثُ لاَ يَبْلُغُ بِتَعْزِيرِهِ الْقَتْل عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لاِرْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً. وَفِي قَوْلٍ لِلإِْمَامِ: تَعْزِيرُهُ بِالْقَتْل (١) .

الإِْجَارَةُ عَلَى فِعْل السَّحَرِ أَوْ تَعْلِيمِهِ:

١٨ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الاِسْتِئْجَارَ لِعَمَل السِّحْرِ لاَ يَحِل إِنْ كَانَ ذَلِكَ النَّوْعُ مِنَ السِّحْرِ حَرَامًا - عَلَى الْخِلاَفِ الْمُتَقَدِّمِ بَيْنَهُمْ فِي حُكْمِهِ - وَلاَ تَصِحُّ الإِْجَارَةُ، وَلاَ تَحِل إِعْطَاءُ الأُْجْرَةِ، وَلاَ يَحِل لآِخِذِهَا أَخْذُهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِ التَّفْصِيلاَتِ:

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنِ اسْتَأْجَرَ سَاحِرًا لِيَعْمَل لَهُ عَمَلاً هُوَ سِحْرٌ فَالإِْجَارَةُ حَرَامٌ وَلاَ تَصِحُّ، وَلاَ يُقْتَل الْمُسْتَأْجَرُ لأَِنَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ لَيْسَ بِسِحْرٍ، حَتَّى لَوْ قَتَل السَّاحِرُ بِسِحْرِهِ ذَاكَ أَحَدًا، وَيُؤَدَّبُ الْمُسْتَأْجَرُ أَدَبًا شَدِيدًا، وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ مَنْ يَسْتَأْجِرُ لِحَل السِّحْرِ عَنِ الْمَسْحُورِ، فَأَجَازُوا ذَلِكَ - أَيْ عَلَى الْقَوْل بِجَوَازِ حَل السِّحْرِ - لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ الْعِلاَجِ (٢) ، وَكَذَا


(١) مطالب أولي النهى ٦ / ٣٠٤، ومغني المحتاج ٢ / ١٨٣.
(٢) الزرقاني ٨ / ٦٣، والمواق بهامش مواهب الجليل ٦ / ٢٨٠، وابن عابدين ٥ / ٥٧.