للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلاَ يَعْصِهِ (١) .

فَقَدْ أَفَادَ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ طَاعَةً لِلَّهِ تَعَالَى لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِمَا الْتَزَمَهُ بِهَذَا النَّذْرِ، وَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِكُل مَا يَمْلِكُ مِنْ مَالٍ، أَلْزَمَ نَفْسَهُ بِمَا هُوَ طَاعَةٌ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَالتَّصَدُّقُ بِكُل مَالِهِ.

وَوَجْهُ الْقِيَاسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يَدْخُل فِيهِ جَمِيعُ الأَْمْوَال لأَِنَّ الْمَال اسْمٌ لِمَا يُتَمَوَّل كَمَا أَنَّ الْمِلْكَ اسْمٌ لِمَا يُمْلَكُ فَيَتَنَاوَل جَمِيعَ الأَْمْوَال كَالْمِلْكِ (٢) .

الاِتِّجَاهُ الْخَامِسُ: يَرَى أَصْحَابُهُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِكُل مَالِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنْهُ بِرُبْعِ الْعُشْرِ (أَيْ مِقْدَارِ الزَّكَاةِ) وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَثَالِثَةٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَهُوَ قَوْل رَبِيعَةَ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ قَوْل رَبِيعَةَ هَذَا (٣) .

وَاسْتَدَل أَصْحَابُ هَذَا الاِتِّجَاهِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي حَاضِرٍ قَال: حَلَفَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: مَالِي فِي سَبِيل اللَّهِ وَجَارِيَتِي حُرَّةٌ إِنْ لَمْ تَفْعَل كَذَا. فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ


(١) الْحَدِيث تَقَدَّمَ تَخْرِيجه (ف ٥) .
(٢) بَدَائِع الصَّنَائِع ٦ / ٢٨٧٣.
(٣) الْمُغْنِي ٩ / ٧.