للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنَّمَا صَرَفُوا الْكَلاَمَ عَنْ ظَاهِرِهِ إِلْحَاقًا لِلْحَوَالَةِ بِسَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ، لأَِنَّهَا لاَ تَخْلُو مِنْ شَوْبِ مُعَاوَضَةٍ.

وَاسْتَظْهَرَ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ أَنَّهُ أَمْرُ إِبَاحَةٍ، لأَِنَّ أَهْل الْمُلاَءَةِ قَدْ يَكُونُ فِيهِمُ اللَّدَدُ فِي الْخُصُومَةِ وَالْمَطْل بِالْحُقُوقِ، وَهُوَ ضَرَرٌ لاَ يَأْمُرُ الشَّارِعُ بِتَحَمُّلِهِ، بَل بِالتَّبَاعُدِ عَنْهُ وَاجْتِنَابِهِ. فَمَنْ عُرِفَ مِنْهُمْ بِحُسْنِ الْقَضَاءِ اسْتُحِبَّ اتِّبَاعُهُ، تَفَادِيًا لِلْمِسَاسِ بِمَشَاعِرِهِ، وَتَنْفِيسًا عَنِ الْمَدِينِ نَفْسِهِ، وَمَنْ جُهِل حَالُهُ فَعَلَى الإِْبَاحَةِ، إِذْ لاَ تَرْجِيحَ بِلاَ مُرَجِّحٍ (١) .

وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَجْعَل الْمُلاَءَةَ شَيْئًا، وَكُلًّا مِنِ الإِْقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَعَدَمِ الْمُمَاطَلَةِ شَيْئًا آخَرَ.

وَذَلِكَ إِذْ يَقُول: (يُسَنُّ قَبُولُهَا عَلَى مَلِيءٍ، مُقِرٍّ، بَاذِلٍ، لاَ شُبْهَةَ فِي مَالِهِ) . (٢)

حَقِيقَةُ عَقْدِ الْحَوَالَةِ وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا:

١١ - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (٣) وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، أَنَّ الْحَوَالَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَنُسِبَ النَّصُّ عَلَيْهِ إِلَى الشَّافِعِيِّ نَفْسِهِ


(١) فتح القدير على الهداية ٥ / ٤٤٤ والبجيرمي على المنهج ٣ / ٢٠ والمغني لابن قدامة ٥ / ٦٠.
(٢) حاشية الباجوري على ابن قاسم ١ / ٣٩١ ونهاية المحتاج على المنهاج بحواشيها ٥ / ٤٠٨، والبجيرمي على المنهج ٣ / ١١٩.
(٣) المغني لابن قدامة ٥ / ٥٤ والأشباه والنظائر بحاشية الحموي ٢ / ٢١٣.