للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعُشْرَ يُؤْخَذُ مِنْ تُجَّارِ أَهْل الذِّمَّةِ كُلَّمَا اخْتَلَفُوا إِلَى آفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِي السَّنَةِ مِرَارًا إِذَا كَانَ اخْتِلاَفُهُ مِنْ قِطَاعٍ إِلَى آخَرَ؛ لأَِنَّ عِلَّةَ الأَْخْذِ مِنْهُمُ الاِنْتِفَاعُ وَالْحِمَايَةُ وَهِيَ مُتَحَقِّقَةٌ فِي كُل حَالٍ يَخْتَلِفُونَ بِهِ (١) .

ثَانِيًا: الْحَرْبِيُّ:

٢٩ - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ إِذَا دَخَل دَارَ الإِْسْلاَمِ بِعَقْدِ أَمَانٍ وَدَفَعَ عُشْرَ تِجَارَتِهِ فَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الأَْمَانِ الَّتِي تَقِل عَنْ سَنَةٍ؛ لأَِنَّ بِلاَدَ الإِْسْلاَمِ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَرْبِيِّ.

كَمَا ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ إِذَا عَادَ فِي السَّنَةِ بِمَالٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي عَشَرَهُ أُخِذَ مِنْهُ الْعُشْرُ.

وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا لَمْ تَنْفُقْ تِجَارَتُهُ الَّتِي عَشَرَهَا ثُمَّ رَجَعَ بِهَا إِلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ عَادَ مَرَّةً أُخْرَى بِهَا، هَل تُعَشَّرُ مَرَّةً ثَانِيَةً أَمْ لاَ؟

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْعُشْرَ يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّمَا دَخَل دَارَ الإِْسْلاَمِ، سَوَاءٌ عَادَ بِنَفْسِ الْمَال أَوْ بِمَالٍ آخَرَ سِوَاهُ؛ لأَِنَّ الأَْمَانَ الأَْوَّل قَدِ انْتَهَى بِدُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ وَقَدْ رَجَعَ بِأَمَانٍ جَدِيدٍ فَلاَ بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ الْعُشْرِ؛ وَلأَِنَّ الأَْخْذَ مِنْهُمْ بَعْدَ


(١) منح الجليل لعليش ١ / ٧٦٠، والمنتقى ٢ / ١٧٨.