للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَتَفَاوَتُونَ فِي تَقَاضِي دُيُونِهِمْ رِفْقًا وَعُنْفًا، وَيُسْرًا وَعُسْرًا، فَلاَ يُلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ.

وَقِيَاسًا عَلَى الْمُحَال فَإِنَّ الْمُحَال عَلَيْهِ مِثْلُهُ فِي أَنَّهُ طَرَفٌ فِي الْحَوَالَةِ لاَ تَمَامَ لَهَا بِدُونِهِ فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ فِي اشْتِرَاطِ رِضَاهُ (١) .

اخْتِلاَفُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَوَالَةِ وَكَالَةٌ:

٣٧ - قَدْ يَخْتَلِفُ الْمُحِيل وَالْمُحَال فِي حَقِيقَةِ الْعَقْدِ الْوَاقِعِ بَيْنَهُمَا: هَل كَانَ حَوَالَةً أَوْ وَكَالَةً عَنِ الْمُحِيل بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنَ الْمُحَال عَلَيْهِ.

٣٨ - وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ احْتِمَالاَنِ:

أ - إِمَّا أَنْ يَخْتَلِفَا فِي اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَل بَيْنَهُمَا نَفْسِهِ: هَل كَانَ لَفْظَ الْحَوَالَةِ أَوِ الْوَكَالَةِ؟

ب - وَإِمَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ الْمُسْتَعْمَل بَيْنَهُمَا كَانَ لَفْظَ الْحَوَالَةِ وَلَكِنَّ الْمُحِيل يَقُول: إِنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ وَكَالَةً بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى الثَّالِثِ، أَمَّا الْمُحَال فَيَدَّعِي أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَوَالَةِ مَعْنَاهَا الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ الْحَقِيقِيُّ وَلَيْسَ الْوَكَالَةَ.

فَفِي الْحَالَةِ الأُْولَى: يَكُونُ مِنَ الْوَاضِحِ أَنَّ الْقَوْل لِلْمُحِيل فِي عَدَمِ الْحَوَالَةِ لأَِنَّهَا عَقْدٌ مُلْزِمٌ، فَلاَ يَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ، إِذِ الأَْصْل عَدَمُهُ وَعَلَى مُدَّعِيهِ إِثْبَاتُهُ.

وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ: يُقْبَل فِي الْقَضَاءِ زَعْمُ الْمُحِيل بِيَمِينِهِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ الْوَكَالَةَ، لأَِنَّ لَفْظَ


(١) فتح القدير على الهداية ٥ / ٤٤٤، والبحر على الكنز ٦ / ٢١٧.