للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُجَاوَزَةُ آيَةِ السَّجْدَةِ:

١٩ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُل أَنْ يَقْرَأَ السُّورَةَ أَوِ الآْيَاتِ فِي الصَّلاَةِ أَوْ غَيْرِهَا يَدَعُ آيَةَ السَّجْدَةِ حَتَّى لاَ يَسْجُدَهَا، لأَِنَّهُ لَمْ يُنْقَل عَنِ السَّلَفِ بَل نُقِلَتْ كَرَاهَتُهُ، وَلأَِنَّهُ يُشْبِهُ الاِسْتِنْكَافَ؛ لأَِنَّهُ قَطْعٌ لِنَظْمِ الْقُرْآنِ وَتَغْيِيرٌ لِتَأْلِيفِهِ، وَاتِّبَاعُ النَّظْمِ وَالتَّأْلِيفِ مَأْمُورٌ بِهِ، قَال تَعَالَى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} . (١) أَيْ تَأْلِيفَهُ، فَكَانَ التَّغْيِيرُ مَكْرُوهًا؛ وَلأَِنَّهُ فِي صُورَةِ الْفِرَارِ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالإِْعْرَاضِ عَنْ تَحْصِيلِهَا بِالْفِعْل وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَكَذَا فِيهِ صُورَةُ هَجْرِ آيَةِ السَّجْدَةِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآن مَهْجُورًا. (٢)

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُكْرَهُ مُجَاوَزَةُ مَحَل السَّجْدَةِ بِلاَ سُجُودٍ عِنْدَهُ لِمُتَطَهِّرٍ طَهَارَةً صُغْرَى وَقْتَ جَوَازٍ لَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا أَوْ كَانَ الْوَقْتُ وَقْتَ نَهْيٍ فَالصَّوَابُ أَنْ يُجَاوِزَ الآْيَةَ بِتَمَامِهَا لِئَلاَّ يُغَيِّرَ الْمَعْنَى فَيَتْرُكَ تِلاَوَتَهَا بِلِسَانِهِ وَيَسْتَحْضِرَهَا بِقَلْبِهِ مُرَاعَاةً لِنِظَامِ التِّلاَوَةِ (٣) .

سُجُودُ التِّلاَوَةِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ عَنِ الصَّلاَةِ:

٢٠ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ - وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - فِي رِوَايَةِ الأَْثْرَمِ عَنْ أَحْمَدَ - إِلَى أَنَّهُ


(١) سورة القيامة / ١٨.
(٢) فتح القدير ١ / ٣٩١ - ٣٩٢، وبدائع الصنائع ١ / ١٩٢، كشاف القناع ١ / ٤٤٩، مطالب أولي النهى ١ / ٥٨٤.
(٣) جواهر الإكليل ١ / ٧٢، حاشية الدسوقي ١ / ٣٠٩.