للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمْوَال النَّاسِ قَهْرًا وَأَكْلِهَا بِالْبَاطِل، وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ (١) .

الْعُقُوبَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ لِلْمُحْتَكِرِ:

١٢ - اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُ الْمُحْتَكِرَ بِإِخْرَاجِ مَا احْتَكَرَ إِلَى السُّوقِ وَبَيْعِهِ لِلنَّاسِ. فَإِنْ لَمْ يَمْتَثِل فَهَل يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ؟ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ:

أَوَّلاً: إِذَا خِيفَ الضَّرَرُ عَلَى الْعَامَّةِ أُجْبِرَ، بَل أَخَذَ مِنْهُ مَا احْتَكَرَهُ، وَبَاعَهُ، وَأَعْطَاهُ الْمِثْل عِنْدَ وُجُودِهِ، أَوْ قِيمَتَهُ. وَهَذَا قَدْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الأَْئِمَّةِ، وَلاَ يُعْلَمُ خِلاَفٌ فِي ذَلِكَ.

ثَانِيًا: إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خَوْفٌ عَلَى الْعَامَّةِ فَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ يَرَوْنَ أَنَّ لِلْحَاكِمِ جَبْرَهُ إِذَا لَمْ يَمْتَثِل الأَْمْرَ بِالْبَيْعِ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ فَيَرَيَانِ أَنَّهُ لاَ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا إِذَا امْتَنَعَ عَنِ الْبَيْعِ عَزَّرَهُ الْحَاكِمُ.

وَعِنْدَ مَنْ يَرَى الْجَبْرَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْجَبْرَ بَادِئَ ذِي بَدْءٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى الإِْنْذَارَ مَرَّةً، وَقِيل اثْنَتَيْنِ، وَقِيل ثَلاَثًا. وَتَدُل النُّقُول عَنِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَرْجِعُهَا مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ. وَهُوَ مِنْ قَبِيل السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ (٢) .


(١) المرجع السابق ص ٢٤٥
(٢) الطرق الحكمية ص ٢٤٣ وانظر ٢٦٢، والبدائع ٥ / ١٢٩، وتكملة الفتح ٨ / ١٢٦، ٤ / ١٦١ ط الثانية سنة ١٣٧٠ هـ، ورد المحتار على الدر المختار ٥ / ٢٥٦ ط بولاق سنة ١٢٧٢ هـ، والرهوني ٥ / ١٢ - ١٥، والقوانين الفقهية ٣ / ٢٤٧، ومواهب الجليل ٤ / ٢٢٧، ٢٢٨، ونهاية المحتاج، ٤ / ٤٥٦، وحاشية القليوبي ٢ / ١٨٦، وكشاف القناع ٣ / ١٥١