للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: مَنْ لَمْ يُضَحِّ حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ فَإِنْ كَانَتْ مَسْنُونَةً - وَهُوَ الأَْصْل - لَمْ يُضَحِّ، وَفَاتَتْهُ تَضْحِيَةُ هَذَا الْعَامِ، فَإِنْ ذَبَحَ وَلَوْ بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ لَمْ تَكُنْ ذَبِيحَتُهُ أُضْحِيَّةً، وَيُثَابُ عَلَى مَا يُعْطِي الْفُقَرَاءَ مِنْهَا ثَوَابَ الصَّدَقَةِ. وَإِنْ كَانَتْ مَنْذُورَةً لَزِمَهُ أَنْ يُضَحِّيَ قَضَاءً، وَهُوَ رَأْيٌ لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، لأَِنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِفَوَاتِ الْوَقْتِ، فَإِذَا وَجَبَتِ الأُْضْحِيَّةُ بِإِيجَابِهِ لَهَا فَضَلَّتْ أَوْ سُرِقَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، فَإِنْ عَادَتْ إِلَيْهِ ذَبَحَهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَوْدَتُهَا فِي زَمَنِ الأُْضْحِيَّةِ أَوْ بَعْدَهُ. (١)

فَإِذَا مَضَى الْوَقْتُ وَلَمْ يُضَحِّ بِالشَّاةِ الْمُعَيَّنَةِ عَادَ الْحُكْمُ إِلَى الأَْصْل، وَهُوَ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِ الأُْضْحِيَّةِ حَيَّةً سَوَاءٌ أَكَانَ الَّذِي عَيَّنَهَا مُوسِرًا أَمْ مُعْسِرًا أَوْ بِقِيمَتِهَا. وَفِي هَذِهِ الْحَال لاَ تَحِل لَهُ وَلاَ لأَِصْلِهِ وَلاَ لِفَرْعِهِ وَلاَ لِغَنِيٍّ.

مَا يُسْتَحَبُّ قَبْل التَّضْحِيَةِ:

٤٥ - يُسْتَحَبُّ قَبْل التَّضْحِيَةِ أُمُورٌ:

(١) أَنْ يَرْبِطَ الْمُضَحِّي الأُْضْحِيَّةَ قَبْل يَوْمِ النَّحْرِ بِأَيَّامٍ، لِمَا فِيهِ مِنَ الاِسْتِعْدَادِ لِلْقُرْبَةِ وَإِظْهَارِ الرَّغْبَةِ فِيهَا، فَيَكُونُ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ وَثَوَابٌ.

(٢) أَنْ يُقَلِّدَهَا (٢) وَيُجَلِّلَهَا (٣) قِيَاسًا عَلَى الْهَدْيِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِتَعْظِيمِهَا، قَال تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} . (٤)


(١) المجموع للنووي ٨ / ٣٨٨، والمغني ١١ / ١١٥، ١١٦.
(٢) التقليد: تعليق شيء في عنق الحيوان ليعلم أنه هدي أو أضحية.
(٣) والتجليل: إلباس الدابة الجل بضم الجيم، ويجوز فتحها مع تشديد اللام، وهو ما تغطى به الدابة لصيانتها.
(٤) سورة الحج / ٣٢.