للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا هِبَةُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ - عَلَى الْخِلاَفِ وَالتَّفْصِيل الَّذِي مَوْطِنُهُ الْهِبَةُ وَالدَّيْنُ - فَلاَ صِلَةَ لَهُ بِالإِْبْرَاءِ.

د - الصُّلْحُ:

٧ - الصُّلْحُ لُغَةً: التَّوْفِيقُ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْمُصَالَحَةِ. وَهُوَ شَرْعًا: عَقْدٌ بِهِ يُرْفَعُ النِّزَاعُ وَتُقْطَعُ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمُتَصَالِحَيْنِ بِتَرَاضِيهِمَا (١) .

وَمِنَ الْمُقَرَّرِ فِقْهًا أَنَّ الصُّلْحَ يَكُونُ عَنْ إِقْرَارٍ أَوْ إِنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ. فَإِذَا كَانَ عَنْ إِقْرَارٍ، وَكَانَتِ الْمُصَالَحَةُ عَلَى إِسْقَاطِ جُزْءٍ مِنَ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَأَدَاءِ الْبَاقِي، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُشْبِهُ الصُّلْحُ الإِْبْرَاءَ؛ لأَِنَّهَا أَخْذٌ لِبَعْضِ الْحَقِّ وَإِبْرَاءٌ عَنْ بَاقِيهِ. أَمَّا إِنْ كَانَ الصُّلْحُ هُنَا عَلَى أَخْذِ بَدَلٍ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ.

وَكَذَلِكَ الْحَال إِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ وَتَضَمَّنَ إِسْقَاطَ الْجُزْءِ مِنْ حَقِّهِ، فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَّعِي إِبْرَاءٌ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ، فِي حِينِ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ افْتِدَاءٌ لِلْيَمِينِ وَقَطْعٌ لِلْمُنَازَعَةِ.

وَقَدْ جَعَل ابْنُ جُزَيٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ الصُّلْحَ عَلَى نَوْعَيْنِ، أَحَدُهُمَا: إِسْقَاطٌ وَإِبْرَاءٌ، وَقَال: هُوَ جَائِزٌ مُطْلَقًا، وَالآْخَرُ: صُلْحٌ عَلَى عِوَضٍ، وَقَال فِيهِ: هُوَ جَائِزٌ إِلاَّ إِنْ أَدَّى إِلَى حَرَامٍ (٢) .


(١) لسان العرب، (صلح) ، ورسائل ابن نجيم ١٢١ ط استانبول.
(٢) القوانين الفقهية لابن جزي ٣٢٤ ط تونس، واللباب لابن راشد القفصي ١٩٢ ط تونس، وكفاية الأخيار للحصني ١ / ٢٧١، ومغني المحتاج ٢ / ١٧٩، وشرح الروض ٢ / ٢١٦ وقد عد كلاهما الإبراء من أقسام الصلح.