للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ هَذَا الْوَصْفُ عَلَى قَوْلَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ أَنَّ جَائِزَ التَّصَرُّفِ هُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِل الرَّشِيدُ، (١) (وَالثَّانِي) لِلْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَاقِلاً، وَأَمَّا الْبُلُوغُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ. (٢)

وَعَلَى كِلاَ الْقَوْلَيْنِ لاَ يَصِحُّ قَبُول الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لاَ يَعْقِل الْوَدِيعَةَ؛ لأَِنَّ حُكْمَ هَذَا الْعَقْدِ لُزُومُ الْحِفْظِ، وَمَنْ لاَ عَقْل لَهُ لاَ يَكُونُ مِنْ أَهْل الْحِفْظِ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ اسْتِيدَاعِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:

(الأَْوَّل) : لأَِكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمُعْتَمَدِ، وَهُوَ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ اسْتِيدَاعُ الصَّبِيِّ، مُمَيِّزًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ؛ لأَِنَّ الْقَصْدَ مِنَ الإِْيدَاعِ الْحِفْظُ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ.

وَعَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ أَوْدَعَ أَحَدٌ وَدِيعَةً عِنْدَ صَبِيٍّ فَتَلِفَتْ عِنْدَهُ، لَمْ يَضْمَنْهَا، سَوَاءٌ حَفِظَهَا أَمْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا، وَذَلِكَ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْتِزَامِهِ


(١) الْمَرَاجِعُ السَّابِقَةُ.
(٢) بَدَائِعُ الصَّنَائِعِ ٦ / ٢٠٧، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةُ ٤ / ٣٣٨، وَدُرَرُ الْحُكَّامِ ٢ / ٢٢٩، وَالْمَادَّةُ (٧٧٦) مِنَ الْمَجَلَّةِ الْعَدْلِيَّةِ.