للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال بُرْهَانُ الدِّينِ ابْنُ مُفْلِحٍ: لاَ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ، نَصَّ عَلَيْهِ الإِْمَامُ أَحْمَدُ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لأَِنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ قَبْل الْقَبْضِ (١) .

وَنَصَّ أَبُو بَكْرٍ الْجَصَّاصُ عَلَى أَنَّ الْوَعْدَ بِفِعْلٍ يَفْعَلُهُ فِي الْمُسْتَقْبَل وَهُوَ مُبَاحٌ، فَإِنَّ الأَْوْلَى الْوَفَاءُ بِهِ مَعَ الإِْمْكَانِ (٢) .

الْقَوْل الْخَامِسُ: أَنَّ إِنْجَازَ الْوَعْدِ الْمُجَرَّدِ غَيْرُ وَاجِبٍ، أَمَّا الْوَعْدُ الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لاَزِمًا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، حَيْثُ نَقَل ابْنُ نُجَيْمٍ عَنِ الْقُنْيَةِ: لاَ يَلْزَمُ الْوَعْدُ إِلاَّ إِذَا كَانَ مُعَلَّقًا (٣) وَفِي الْفَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ: أَنَّ الْمَوَاعِيدَ بِاكْتِسَاءِ صُوَرِ التَّعْلِيقِ تَكُونُ لاَزِمَةً (٤) . وَنَصَّتِ الْمَادَّةُ (٨٤) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ: الْمَوَاعِيدُ بِصُوَرِ التَّعَالِيقِ تَكُونُ لاَزِمَةً.

مِثَال ذَلِكَ: لَوْ قَال شَخْصٌ لآِخَرَ: ادْفَعْ دَيْنِي مِنْ مَالِكَ، فَوَعَدَهُ الرَّجُل بِذَلِكَ، ثُمَّ امْتَنَعَ عَنِ الأَْدَاءِ، فَإِنَّهُ لاَ يُلْزَمُ الْوَاعِدُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ، أَمَّا قَوْل رَجُلٍ لآِخَرَ: بِعْ هَذَا الشَّيْءَ لِفُلاَنٍ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِكَ ثَمَنَهُ فَأَنَا أُعْطِيهِ لَكَ، فَلَمْ يُعْطِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ،


(١) المبدع ٩ / ٣٤٥.
(٢) أحكام القرآن للجصاص ٣ / ٤٤٢ (ط. استانبول) .
(٣) الأشباه والنظائر لابن نجيم كتاب الحظر والإباحة ص٣٤٤.
(٤) الفتاوى البزازية (بهامش الفتاوى الهندية) ٦ / ٣.