للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعِلْمُ بِسَبَبِ الاِسْتِحْقَاقِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ:

٥٢ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ ذِكْرِ سَبَبِ الاِسْتِحْقَاقِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى الآْرَاءِ الآْتِيَةِ:

أ - فَذَهَبَ أَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى وُجُوبِ ذِكْرِ السَّبَبِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ، وَإِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يُبَيِّنَ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ تَرَتَّبَ لَهُ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَل هُوَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ عَقْدٍ أَوْ إِتْلاَفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ. (١) وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ كُل دَيْنٍ لاَ بُدَّ لِتَرَتُّبِهِ فِي الذِّمَّةِ مِنْ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ، لأَِنَّ الأَْصْل بَرَاءَةُ الذِّمَمِ مِنِ اشْتِغَالِهَا بِالدُّيُونِ، فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مِنْ سَبَبٍ لِكُل دَيْنٍ فَيَجِبُ عَلَى مُدَّعِي الدَّيْنِ بَيَانُ سَبَبِهِ، لأَِنَّ الأَْسْبَابَ تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهَا، فَإِنْ كَانَ سَبَبُ الدَّيْنِ عَقْدَ السَّلَمِ مَثَلاً، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ مَكَانِ الإِْيفَاءِ، وَلاَ يَجُوزُ الاِسْتِبْدَال بِهِ قَبْل الْقَبْضِ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ ثَمَنَ مَبِيعٍ، حَيْثُ يَجُوزُ الاِسْتِبْدَال بِهِ قَبْل قَبْضِهِ وَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ مَكَانِ الإِْيفَاءِ. (٢) وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى قَدْ يَكُونُ السَّبَبُ بَاطِلاً كَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ ثَمَنَ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ نَتِيجَةَ مُقَامَرَةٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَيَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِهِ لِيُعْرَفَ ذَلِكَ. وَمِنْ جِهَةٍ ثَالِثَةٍ فَإِنَّ بَعْضَ


(١) البحر الرائق ٧ / ١٩٥، الفتاوى الهندية ٤ / ٣، تبصرة الحكام ١ / ١٠٤ طبع ١٣٠١هـ. الخرشي، وحاشية العدوي ٧ / ١٥٤، تهذيب الفروق ٤ / ١١٥
(٢) جامع الفصولين ١ / ٧٣