للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ يُرَادَ بِالشَّيْءِ مَا وُضِعَ لَهُ (١) .

وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ التَّلْجِئَةِ وَبَيْعِ الْهَازِل: أَنَّ بَيْعَ التَّلْجِئَةِ وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ إِلَيْهِ فِي الْغَالِبِ هُوَ الإِْكْرَاهَ إِلاَّ أَنَّهُ فِي حَقِيقَتِهِ هُوَ بَيْعُ الْهَازِل؛ لأَِنَّ الْبَائِعَ فِي بَيْعِ التَّلْجِئَةِ تَلَفَّظَ بِصِيغَةِ الْبَيْعِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لاَ يُرِيدُ الْبَيْعَ، وَلِهَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ أَنَّهُ يُشْبِهُ بَيْعَ الْهَازِل (٢) .

إِذِ الْهَزْل يُنَافِي اخْتِيَارَ الْحُكْمِ وَالرِّضَى بِهِ وَلاَ يُنَافِي الرِّضَى بِالْمُبَاشَرَةِ وَاخْتِيَارَهَا، فَصَارَ بِمَعْنَى خِيَارِ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ (٣) .

التَّلْجِئَةُ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ:

٥ - تَكُونُ التَّلْجِئَةُ فِي النِّكَاحِ، كَمَا إِذَا خَطَبَ مَنْ هُوَ قَاهِرٌ لِشَخْصٍ بَعْضَ بَنَاتِهِ، فَأَنْكَحَهُ الْمَخْطُوبُ إِلَيْهِ، وَأَشْهَدَ شُهُودَ الاِسْتِرْعَاءِ سِرًّا: أَنِّي إِنَّمَا أَفْعَلُهُ خَوْفًا مِنْهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يُخَافُ عَدَاوَتُهُ، وَأَنَّهُ إِنْ شَاءَ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ نِكَاحٍ، فَأَنْكَحَهُ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ نِكَاحٌ مَفْسُوخٌ أَبَدًا.

وَتَجْرِي التَّلْجِئَةُ أَيْضًا فِي التَّحْبِيسِ (الْوَقْفُ) وَالطَّلاَقِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهَا، مِنْ كُل تَطَوُّعٍ (٤) .


(١) كشف الأسرار عن أصول البزدوي ٤ / ٣٥٧، وتعريفات الجرجاني.
(٢) بدائع الصنائع ٥ / ١٧٦، ١٧٧.
(٣) ابن عابدين ٤ / ٢٤٤، وأصول البزدوي ٤ / ٣٥٧.
(٤) التبصرة ٢ / ٢ - ٥.