للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٧ - وَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ غَيْرَ بَيْتِهِ، وَأَرَادَ الدُّخُول إِلَيْهِ، فَعَلَيْهِ الاِسْتِئْذَانُ، وَلاَ يَحِل لَهُ الدُّخُول قَبْل الإِْذْنِ بِالاِتِّفَاقِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بَابُ الْبَيْتِ مَفْتُوحًا أَوْ مُغْلَقًا (١) . وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِيهِ سَاكِنٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} . (٢) وَلأَِنَّ لِلْبُيُوتِ حُرْمَتَهَا فَلاَ يَجُوزُ أَنْ تُنْتَهَكَ هَذِهِ الْحُرْمَةُ؛ وَلأَِنَّ الاِسْتِئْذَانَ لَيْسَ لِلسُّكَّانِ أَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً، بَل لأَِنْفُسِهِمْ وَلأَِمْوَالِهِمْ؛ لأَِنَّ الإِْنْسَانَ كَمَا يَتَّخِذُ الْبَيْتَ سِتْرًا لِنَفْسِهِ، يَتَّخِذُهُ سِتْرًا لأَِمْوَالِهِ، وَكَمَا يَكْرَهُ اطِّلاَعَ الْغَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ، يَكْرَهُ اطِّلاَعَهُ عَلَى أَمْوَالِهِ (٣) .

وَيُفَرِّقُ الشَّافِعِيَّةُ، فِي حَالَةِ كَوْنِ بَيْتِ ذَلِكَ الْغَيْرِ هُوَ بَيْتُ أَحَدِ مَحَارِمِهِ، بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْبَابُ مُغْلَقًا أَوْ مَفْتُوحًا، فَيَقُولُونَ:

إِنْ كَانَ الْبَابُ مُغْلَقًا فَإِنَّهُ لاَ يَدْخُل إِلاَّ بَعْدَ اسْتِئْذَانٍ وَإِذْنٍ، أَمَّا إِنْ كَانَ مَفْتُوحًا فَوَجْهَانِ، وَالأَْوْجَهُ الاِسْتِئْذَانُ (٤) . وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الاِسْتِئْذَانِ لِدُخُول الْبُيُوتِ عُمُومًا:

٨ - أَوَّلاً: دُخُول الْبُيُوتِ غَيْرِ الْمَسْكُونَةِ الَّتِي فِيهَا مَتَاعٌ - أَيْ مَنْفَعَةٌ - لِلنَّاسِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ، بِنَاءً عَلَى الإِْذْنِ الْعَامِّ بِدُخُولِهَا، وَقَدْ اخْتُلِفَ فِي تَحْدِيدِ هَذِهِ الْبُيُوتِ.

فَقَال قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّهَا الْبُيُوتُ الَّتِي تُبْنَى عَلَى الطُّرُقَاتِ، يَأْوِي إِلَيْهَا الْمُسَافِرُونَ، وَمِثْلُهَا الْخَانَاتُ.


(١) بدائع الصنائع ٥ / ١٢٤، والشرح الصغير ٤ / ٧٦٢
(٢) سورة النور / ٢٧
(٣) بدائع الصنائع ٥ / ١٢٤
(٤) مغني المحتاج ٤ / ١٩٩ طبع مصطفى البابي الحلبي.