للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاَثِينَ (١) وَلَمْ يُطَالِبْنَا بِجَعْل ذَلِكَ مُرْتَبِطًا بِحِسَابِ مَسِيرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِي الْمَنَازِل؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الدِّقَّةِ وَالْخَفَاءِ. (٢)

وَلاَ يَعْنِي ذَلِكَ خُلُوُّ الشَّرِيعَةِ مِمَّا يَسْتَقِل الْخَاصَّةُ بِإِدْرَاكِهِ، وَهِيَ الأُْمُورُ الاِجْتِهَادِيَّةُ، الَّتِي تَخْفَى عَلَى الْجُمْهُورِ، غَيْرَ أَنَّ عَامَّةَ الأَْحْكَامِ الَّتِي يَحْتَاجُهَا الْمُكَلَّفُ، وَتَقُومُ مَقَامَ الأُْسُسِ مِنَ الدِّينِ، ظَاهِرَةٌ لاَ تَخْفَى عَلَى الْجُمْهُورِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ يَحْتَاجُ فِي تَطَلُّبِهِ إِلَى بَذْل جَهْدٍ، إِلاَّ أَنَّهُ يَتَيَسَّرُ لأَِهْل الْعِلْمِ الْوُصُول إِلَيْهِ بِاتِّبَاعِ مَا بَيَّنَتْهُ الشَّرِيعَةُ مِنْ طُرُقِ الاِجْتِهَادِ.

النَّوْعُ الثَّانِي: يُسْرُ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ:

١٤ - يُسْرُ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ يَتَشَعَّبُ فِيهِ النَّظَرُ شُعْبَتَيْنِ:

١ - الْيُسْرُ الأَْصْلِيُّ، وَهُوَ الْيُسْرُ فِي مَا شُرِعَ مِنَ الأَْحْكَامِ مِنْ أَصْلِهِ مُيَسَّرًا لاَ عَنَتَ فِيهِ.

٢ - الْيُسْرُ التَّخْفِيفِيُّ، وَهُوَ مَا وُضِعَ فِي الأَْصْل مُيَسَّرًا، غَيْرَ أَنَّهُ طَرَأَ فِيهِ الثِّقَل بِسَبَبِ ظُرُوفٍ اسْتِثْنَائِيَّةٍ، وَأَحْوَالٍ تَخُصُّ بَعْضَ الْمُكَلَّفِينَ، فَيُخَفِّفُ الشَّرْعُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ الأَْصْلِيِّ.


(١) حديث: " لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين " أخرجه البخاري (فتح الباري ٤ / ١١٩ - ط السلفية) . مسلم (٢ / ٧٥٩ - ط عيسى الحلبي) .
(٢) الموافقات ٢ / ٩١.