للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب - أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ عَلَى سَبِيل الْمُنَاجَاةِ، مَعَ الْكِتْمَانِ عَنِ الآْخَرِينَ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَرِدُ فِي السِّرِّ وَإِفْشَائِهِ، وَيُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (إِفْشَاءِ السِّرِّ) .

ج - أَنْ يُخْفِيَ فِعْلَهُ عَمَّنْ سِوَاهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَرِدُ فِي أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ كَالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهِمَا (١) .

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ - الْمُخَافَتَةُ:

٢ - مِنْ مَعَانِي الْمُخَافَتَةِ فِي اللُّغَةِ: خَفْضُ الصَّوْتِ.

أَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ وُجُودِ الْقِرَاءَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ: فَشَرَطَ الْهِنْدُوَانِيُّ وَالْفَضْلِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لِوُجُودِهَا خُرُوجَ صَوْتٍ يَصِل إِلَى أُذُنِهِ، وَبِهِ قَال الشَّافِعِيُّ.

وَشَرَطَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ وَبِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ خُرُوجَ الصَّوْتِ مِنَ الْفَمِ وَإِنْ لَمْ يَصِل إِلَى أُذُنِهِ، لَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَسْمُوعًا فِي الْجُمْلَةِ، حَتَّى لَوْ أَدْنَى أَحَدٌ صِمَاخَهُ إِلَى فِيهِ يَسْمَعُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْكَرْخِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ السَّمَاعَ، وَاكْتَفَيَا بِتَصْحِيحِ الْحُرُوفِ.

وَاخْتَارَ شَيْخُ الإِْسْلاَمِ قَاضِي خَانَ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ وَالْحَلْوَانِيُّ قَوْل الْهِنْدُوَانِيِّ، كَمَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.

فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ أَدْنَى الْمُخَافَتَةِ إِسْمَاعُ نَفْسِهِ، أَوْ مَنْ بِقُرْبِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ مَثَلاً، وَأَعْلاَهَا مُجَرَّدُ تَصْحِيحِ الْحُرُوفِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْكَرْخِيِّ، وَأَدْنَى الْجَهْرِ إِسْمَاعُ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِقُرْبِهِ، كَأَهْل الصَّفِّ الأَْوَّل، وَأَعْلاَهُ لاَ حَدَّ لَهُ. (٢)


(١) مراقي الفلاح ص ١٣٨ ط دار الإيمان، وشرح روض الطالب ١ / ١٥٦، المكتبة الإسلامية، والشرح الكبير ١ / ٢٤٣، والفواكه الدواني ١ / ٢٣١، وكشاف القناع ١ / ٣٣٢.
(٢) ابن عابدين ١ / ٣٥٩ ط (١) بولاق.