للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِْقْرَاضُ بِلاَ إِشْهَادٍ، وَإِنْ كَانَ الإِْشْهَادُ حِينَئِذٍ أَوْلَى احْتِيَاطًا (١) .

الإِْشْهَادُ عَلَى الْحُكْمِ بِالْحَجْرِ:

١٦ - لِلْفُقَهَاءِ فِي الإِْشْهَادِ عَلَى الْحَجْرِ رَأْيَانِ: أَحَدُهُمَا: الْوُجُوبُ، وَهُوَ قَوْل الصَّاحِبَيْنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْحَجْرِ عَلَى الْمَدِينِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ الإِْشْهَادُ لأَِنَّ الْحَجْرَ حُكْمٌ مِنَ الْقَاضِي وَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ، وَرُبَّمَا يَقَعُ فِيهِ التَّجَاحُدُ فَيَحْتَاجُ إِلَى إِثْبَاتِهِ، وَيَأْخُذُ السَّفِيهُ حُكْمَ الْمَدِينِ فِي الْحَجْرِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، (٢) أَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ يَرَى الْحَجْرَ عَلَى مَنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى تَصَرُّفَاتِهِ ضَرَرٌ عَامٌّ، كَالطَّبِيبِ الْجَاهِل وَالْمُفْتِي الْمَاجِنِ وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسِ. (٣) وَوُجُوبُ الإِْشْهَادِ هُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوَاعِدِ الْمَالِكِيَّةِ، وَفُرُوعِهِمْ. جَاءَ فِي الْحَطَّابِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلَدِهِ أَتَى الإِْمَامَ لِيَحْجُرَ عَلَيْهِ، وَيُشْهِرُ ذَلِكَ فِي الْمَجَامِعِ وَالأَْسْوَاقِ، وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ وَلأَِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَوَجَبَ الإِْشْهَادُ عَلَيْهِ. (٤) وَوُجُوبُ الإِْشْهَادِ وَجْهٌ مَحْكِيٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْحَاوِي وَالْمُسْتَظْهَرِي عَنْ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي


(١) جامع الفصولين ٢ / ١٣، ١٤، والحطاب ٦ / ٤٠٠، والقليوبي ٢ / ٢٠٨.
(٢) ومقتضى الحجر هنا على هؤلاء وأمثالهم يقتضي الإشهاد والإشهار (اللجنة) .
(٣) شرح أدب القاضي للخصاف ٢ / ٣٨٨، وأحكام القرآن للجصاص ١ / ٥٨٢ ط البهية.
(٤) الحطاب ٥ / ٦٤، وأحكام القرآن للجصاص ١ / ٥٨٢، وتبصرة الحكام ١ / ١٨٧.