للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَسْأَل اللَّهَ لَهُ. فَهُوَ مُتَوَسِّلٌ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ، وَهَذَا مَشْرُوعٌ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ فِي حَيَاةِ الشَّفِيعِ، وَلاَ يُعْلَمُ فِيهِ خِلاَفٌ. (١)

فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْل الْجَنَّةِ، كُل ضَعِيفٍ مُسْتَضْعَفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأََبَرَّهُ (٢) قَال الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى اللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا لأََوْقَعَ مَطْلُوبَهُ، فَيَبَرُّ بِقَسَمِهِ إِكْرَامًا لَهُ، لِعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُ. (٣)

فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ خَصَّهُ اللَّهُ بِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُسْأَل فَيَدْعُوَ لِلْمُسْتَغِيثِ، وَقَدْ وَرَدَ هَذَا فِي آثَارٍ كَثِيرَةٍ عَنِ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ.

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: اسْتِغَاثَةٌ فِي سُؤَال اللَّهِ:

١٣ - وَهِيَ أَنْ يَسْتَغِيثَ الإِْنْسَانُ بِغَيْرِهِ فِي سُؤَال اللَّهِ لَهُ تَفْرِيجَ الْكَرْبِ، وَلاَ يَسْأَل اللَّهَ هُوَ لِنَفْسِهِ. وَهَذَا جَائِزٌ لاَ يُعْلَمُ فِيهِ خِلاَفٌ.

وَمِنْهُ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَهَل تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ (٤) أَيْ بِدُعَائِهِمْ، وَصَلاَتِهِمْ،


(١) الاستغاثة، الرد على البكري ص ١٢٣.
(٢) حديث " ألا أخبركم بأهل الجنة. . . " أخرجه البخاري ومسلم والترمذي مرفوعا من حديث حارثة بن وهب رضي الله عنه (جامع الأصول في أحاديث الرسول ١٠ / ٥٤٧ نشر مكتبة الحلواني ١٣٩٢ هـ) .
(٣) جلاء العيون ص ٤٤٣.
(٤) حديث " هل تنصرون وترزقون. . . . " أخرجه البخاري من حديث مصعب بن سعد بن أبي وقاص، ولم يصرح مصعب بسماعه من سعد فيما رواه البخاري، فهو مرسل عنده. قال ابن حجر: إن صورة هذا السياق مرسل لأن مصعبا لم يدرك زمان القول، لكن هو محمول على أنه سمع ذلك من أبيه، وقد وقع التصريح من مصعب بالرواية له عن أبيه عند الإسماعيلي وغيره (فيض القدير ٦ / وفتح الباري ٦ / ٨٨، ٨٩ ط السلفية) .