للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَامِسًا: حُكْمُ الْتِزَامِ الْمُعْتَكِفِ بِالصِّيَامِ أَثْنَاءَ اعْتِكَافِهِ الْمَنْذُورِ:

٥٣ - مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الصَّوْمَ صِفَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي الاِعْتِكَافِ، فَلَزِمَ بِالنَّذْرِ، عَمَلاً بِالْتِزَامِهِ، كَالْتِزَامِهِ التَّتَابُعَ فِي الاِعْتِكَافِ وَالصِّيَامِ، إِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (١) .

٥٤ - وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ مَنْ نَذَرَ الاِعْتِكَافَ مُطْلَقًا، دُونَ الْتِزَامِ الصِّيَامِ مَعَهُ بِالنَّذْرِ، وَعَمَّا إِذَا كَانَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا، أَمْ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ الصِّيَامُ مَعَ اعْتِكَافِهِ، وَأَنَّهُ يُجْزِئُهُ الاِعْتِكَافُ بِغَيْرِ صَوْمٍ، وَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبَيْنِ:

الْمَذْهَبُ الأَْوَّل: يَرَى أَصْحَابُهُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا مُطْلَقًا عَنِ اشْتِرَاطِ الصِّيَامِ مَعَهُ، يَلْزَمُهُ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا، فَلاَ يَصِحُّ اعْتِكَافُهُ إِلاَّ بِصَوْمٍ، رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَهُوَ قَوْل الزُّهْرِيِّ وَاللَّيْثِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالثَّوْرِيِّ وَنَافِعٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ (٢) .


(١) المبسوط ٣ / ١١٦، والمقدمات ١ / ٢٥٧، ونهاية المحتاج ٨ / ٢٣٥، وزاد المحتاج ١ / ٥٤٥، والمغني ٣ / ١٨٥، والكافي ١ / ٣٦٨.
(٢) بدائع الصنائع ٣ / ١٠٥٩، الدر المختار ورد المحتار ٢ / ١٣٠، والمبسوط ٣ / ١١٥، ومواهب الجليل ٢ / ٤٦٠، والمقدمات الممهدات ١ / ٢٥٧، ٢٥٨، وبداية المجتهد ١ / ٣١٥، والمغاني ٣ / ١٨٥ - ١٨٦، الكافي ١ / ٣٦٨، ومغني المحتاج ١ / ٤٥٣، وروضة الطالبين ٢ / ٣٩٣.