للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَمِرَّةِ، وَأَمَّا عِنْدَ الاِحْتِضَارِ وَالْمُعَايَنَةِ فَلاَ تَدْخُل تَحْتَ النَّهْيِ بَل هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَمِثْلُهُ إِذَا تَمَنَّى الْمَوْتَ لِخَوْفِ فِتْنَةٍ فِي الدِّينِ، أَوْ لِتَمَنِّي الشَّهَادَةِ فِي سَبِيل اللَّهِ أَوْ لِغَرَضٍ أُخْرَوِيٍّ آخَرَ (١) .

ح - عَلاَمَاتُ مَحَبَّةِ الْعَبْدِ لِلَّهِ تَعَالَى

١٢ - قَال الْعُلَمَاءُ: مِنْ عَلاَمَاتِ مَحَبَّةِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ أَنْ يَتَنَعَّمَ بِالطَّاعَةِ وَلاَ يَسْتَثْقِلَهَا وَأَنْ يُؤْثِرَ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ عَلَى مَا يُحِبُّهُ فِي ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، فَيَلْزَمَ مَشَاقَّ الْعَمَل وَيَجْتَنِبَ اتِّبَاعَ الْهَوَى، وَيُعْرِضَ عَنْ دَعَةِ الْكَسَل وَلاَ يَزَال مُوَاظِبًا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَمُتَقَرِّبًا إِلَيْهِ بِالنَّوَافِل وَطَالِبًا عِنْدَهُ مَزَايَا الدَّرَجَاتِ كَمَا يَطْلُبُ الْمُحِبُّ مَزِيدَ الْقُرْبِ فِي قَلْبِ مَحْبُوبِهِ، وَلأَِنَّ مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ لاَ يَعْصِيهِ كَمَا قَال مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ:

تَعْصِي الإِْلَهَ وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ

هَذَا لَعَمْرِي فِي الْفِعَال بَدِيعُ

لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لأََطَعْتُهُ

إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعٌ

قَال تَعَالَى: {قُل إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} (٢) قَالُوا: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ قَالُوا: نَحْنُ الَّذِينَ نُحِبُّ رَبَّنَا، وَرُوِيَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا يَا رَسُول اللَّهِ وَاللَّهِ إِنَّا


(١) فتح الباري ١١ / ٣٦٠ - ٣٦١، وسبل السلام ٢ / ١٨٤، ١٨٥، ومغني المحتاج ١ / ٣٥٧، وإحياء علوم الدين ٤ / ٤٧٤ - ٤٧٨.
(٢) سورة آل عمران / ٣١.