للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مِيرَاثُ الْمَفْقُودِ:

١١٦ - الْمَفْقُودُ لُغَةً: هُوَ الْمَعْدُومُ (١) . وَفِي الاِصْطِلاَحِ: هُوَ الْغَائِبُ الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ، وَلاَ يُدْرَى حَيَاتُهُ مِنْ مَوْتِهِ (٢) . وَفَسَّرَهُ شَمْسُ الأَْئِمَّةِ بِأَنَّهُ: اسْمٌ لِمَوْجُودٍ هُوَ حَيٌّ بِاعْتِبَارِ أَوَّل حَالِهِ، وَلَكِنَّهُ كَالْمَيِّتِ بِاعْتِبَارِ مَآلِهِ (٣) . وَقِيل: إِنَّ هَذَا أَحْسَنُ تَعْرِيفٍ.

١١٧ وَالْحُكْمُ فِي مِيرَاثِهِ: أَنَّهُ حَيٌّ فِي حَقِّ مَالِهِ، فَلاَ يَرِثُ مِنْهُ أَحَدٌ، وَمَيِّتٌ فِي مَال غَيْرِهِ فَلاَ يَرِثُ مِنْ أَحَدٍ. وَذَلِكَ لأَِنَّ الأَْصْل ثُبُوتُ حَيَاتِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ خِلاَفُهُ، فَاعْتُبِرَ حَيًّا اسْتِصْحَابًا لِحَالِهِ، وَاسْتِصْحَابُ الْحَال حُجَّةٌ تَدْفَعُ الاِسْتِحْقَاقَ، وَلِذَلِكَ فَلاَ يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ فِي مِيرَاثِهِ، لاِعْتِبَارِهِ حَيًّا، وَلاَ يَسْتَحِقُّ هُوَ فِي مِيرَاثِ غَيْرِهِ. وَيُوقَفُ مَالُهُ حَتَّى يَصِحَّ مَوْتُهُ، أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهِ مُدَّةٌ لاَ يَحْيَا إِلَى مِثْلِهَا مِثْلُهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ. وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحَدُ رَأْيَيْنِ لِلْحَنَفِيَّةِ.

١١٨ - وَاخْتَلَفَتْ رِوَايَاتُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يُحْكَمُ بَعْدَهَا بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ. فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَقْرَانِهِ فِي بَلَدِهِ، وَقِيل أَقْرَانُهُ فِي جَمِيعِ الْبِلاَدِ. لَكِنِ الأَْوَّل أَصَحُّ، لأَِنَّ فِي الْعَمَل بِالْقَوْل الثَّانِي حَرَجًا عَظِيمًا، كَمَا أَنَّ الأَْعْمَارَ تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ الأَْقَالِيمِ.

وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُدَّةَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً مِنْ يَوْمِ وِلاَدَةِ الْمَفْقُودِ. وَقَال مُحَمَّدٌ: مِائَةٌ وَعَشْرُ سِنِينَ. وَقَال أَبُو يُوسُفَ: مِائَةٌ


(١) القاموس
(٢) السراجية ص ٣٢٦
(٣) حاشية الفناري ص ٣٢٦