للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَرَكُوا الْقِتَال، بِالرُّجُوعِ إِلَى الطَّاعَةِ، أَوْ بِإِلْقَاءِ السِّلاَحِ، أَوْ بِالْهَزِيمَةِ إِلَى فِئَةٍ، أَوْ إِلَى غَيْرِ فِئَةٍ، أَوْ بِالْعَجْزِ لِجِرَاحٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ أَسْرٍ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ قَتْلُهُمْ وَاتِّبَاعُ مُدْبِرِهِمْ. وَسَاقَ ابْنُ قُدَامَةَ الآْثَارَ الْوَارِدَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ قَتْل الْمُدْبِرِ وَالإِْجْهَازِ عَلَى الْجَرِيحِ وَقَتْل الأَْسِيرِ، وَهِيَ عَامَّةٌ. ثُمَّ قَال: لأَِنَّ الْمَقْصُودَ كَفُّهُمْ وَقَدْ حَصَل، فَلَمْ يَجُزْ قَتْلُهُمْ كَالصَّائِل، وَلاَ يُقْتَلُونَ لِمَا يُخَافُ فِي التَّالِي - إِنْ كَانَ لَهُمْ فِئَةٌ - كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ (١) .

أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ: فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ لَهُمْ فِئَةٌ يَنْحَازُونَ إِلَيْهَا - مُطْلَقًا - فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لأَِهْل الْعَدْل أَنْ يَقْتُلُوا مُدْبِرَهُمْ، وَيُجْهِزُوا عَلَى جَرِيحِهِمْ؛ لِئَلاَّ يَنْحَازُوا إِلَى الْفِئَةِ، فَيَمْتَنِعُوا بِهَا، فَيَكُرُّوا عَلَى أَهْل الْعَدْل. وَالْمُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ الْقَتْل أَمَارَةُ قِتَالِهِمْ لاَ حَقِيقَتُهُ؛ وَلأَِنَّ قَتْلَهُمْ إِذَا كَانَ لَهُمْ فِئَةٌ، لاَ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ دَفْعًا؛ لأَِنَّهُ يَتَحَيَّزُ إِلَى الْفِئَةِ وَيَعُودُ شَرُّهُ كَمَا كَانَ. وَقَالُوا: إِنَّ مَا قَالَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى تَأْوِيل إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ (٢) .

الْمَرْأَةُ الْمُقَاتِلَةُ مِنْ أَهْل الْبَغْيِ:

١٥ - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ مِنَ الْبُغَاةِ - إِنْ كَانَتْ


(١) المغني ٨ / ١١٥.
(٢) البدائع ٧ / ١٤٠ - ١٤١، والفتح ٤ / ٤١١.