للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَال: تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ. (١)

دَفْعُ الْخَرَاجِ إِلَى الْبُغَاةِ:

٤٢ - الْبُغَاةُ: هُمُ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ الإِْمَامَ مُتَأَوِّلِينَ كَالْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ، وَالَّذِينَ يَخْرُجُونَ عَلَى الإِْمَامِ، أَوْ يَمْتَنِعُونَ عَنِ الدُّخُول فِي طَاعَتِهِ، أَوْ يَمْنَعُونَ حَقًّا وَجَبَ عَلَيْهِمْ كَالزَّكَاةِ وَشَبَهِهَا فَيَدْعُونَ إِلَى الرُّجُوعِ لِلْحَقِّ (٢) .

فَإِذَا غَلَبَ أَهْل الْبَغْيِ عَلَى بَلَدٍ، وَنَصَّبُوا إِمَامًا فَجَبَى الْخَرَاجَ مِنْ أَرْبَابِ الأَْرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ، فَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مَوْقِعَهُ، وَسَقَطَ عَنْهُمْ وَلَمْ يُطَالِبْهُمْ بِهِ إِمَامُ أَهْل الْعَدْل مَرَّةً ثَانِيَةً، عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْفُقَهَاءِ، مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْل الْبَصْرَةِ لَمْ يُطَالِبْهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا جُبِيَ مِنْهُمْ. وَلأَِنَّ فِي تَرْكِ احْتِسَابِهِ ضَرَرًا عَظِيمًا، وَمَشَقَّةً كَبِيرَةً فَإِنَّ الْبُغَاةَ قَدْ يَغْلِبُونَ عَلَى الْبِلاَدِ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ فَلَوْ لَمْ يُحْتَسَبْ ذَلِكَ لأََدَّى إِلَى ثَنْيِ الْوَاجِبِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ وَلأَِنَّ حَقَّ الإِْمَامِ فِي الْجِبَايَةِ مَرْهُونٌ بِالْحِمَايَةِ، وَهِيَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ عِنْدَ تَغَلُّبِ الْبُغَاةِ عَلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ. (٣)


(١) حديث: " إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها ". أخرجه مسلم (٣ / ١٤٧٢ - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود.
(٢) ابن جزي: القوانين الفقهية ص ٢٩٣.
(٣) الكاساني: البدائع ٩ / ٤٤٠٢، ابن جزي: القوانين الفقهية ص ٢٩٤ الشافعي: الأم - دار المعرفة ببيروت ٤ / ٢٢٠، الشربيني الخطيب: مغني المحتاج ٤ / ١٣٣، أبو يعلى: الأحكام السلطانية ص ٥٥، المرداوي: الإنصاف - مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة ط ١ - ١٣٧٥ - ١٩٥٦ م - ١٠ / ٣١٨.