للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَاكِمٍ، كَمَا أَنَّ فَكَّ الْحَجْرِ عَنْهُ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ أَيْضًا، لأَِنَّ الْحَجْرَ إِذَا كَانَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لاَ يَزُول إِلاَّ بِهِ، وَلأَِنَّ الرُّشْدَ يَحْتَاجُ إِلَى تَأَمُّلٍ وَاجْتِهَادٍ فِي مَعْرِفَتِهِ وَزَوَال تَبْذِيرِهِ فَكَانَ كَابْتِدَاءِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ.

وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ السَّفِيهَ لاَ يَحْتَاجُ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ إِلَى قَضَاءِ الْقَاضِي لأَِنَّ فَسَادَهُ فِي مَالِهِ يَحْجُرُهُ وَصَلاَحُهُ فِيهِ يُطْلِقُهُ. وَإِنَّ عِلَّةَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ السَّفَهُ وَقَدْ تَحَقَّقَ فِي الْحَال، فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مُوجِبُهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، كَالصِّبَا وَالْجُنُونِ.

وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلاَفِ فِيمَا لَوْ بَاعَ السَّفِيهُ قَبْل قَضَاءِ الْقَاضِي فَإِنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلاَ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ (١) .

تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ:

١٤ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ السَّفِيهِ فِي مَالِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ تَصَرُّفِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، وَاخْتَلَفُوا فِي التَّصَرُّفَاتِ غَيْرِ الْمَالِيَّةِ (٢) .

وَتَفْصِيل ذَلِكَ كُلِّهِ فِي مُصْطَلَحِ (سَفَهٌ، وَوِلاَيَةٌ) .


(١) تبيين الحقائق ٥ / ١٩٥، والشرح الصغير ٣ / ٣٨٨ - ٣٨٩، وأسنى المطالب ٢ / ٢٠٨، والمغني ٤ / ٥١٩ - ٥٢٠.
(٢) ابن عابدين ٥ / ٩٣، والشرح الصغير ٣ / ٣٨٤ وما بعدها، والقوانين الفقهية ٢١١، ومغني المحتاج ٢ / ١٧١، وشرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٩٤.