للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لُزُومُ الرَّهْنِ:

١٣ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَلْزَمُ بِهِ الرَّهْنُ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ لاَ يَلْزَمُ إِلاَّ بِالْقَبْضِ وَالإِْقْبَاضِ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ، وَلِلرَّاهِنِ الرُّجُوعُ عَنْهُ قَبْل الْقَبْضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (١) .

فَلَوْ لَزِمَ عَقْدُ الرَّهْنِ بِدُونِ قَبْضٍ لَمَا كَانَ لِلتَّقْيِيدِ بِهِ فَائِدَةٌ؛ وَلأَِنَّهُ عَقْدُ إِرْفَاقٍ يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُول فَافْتَقَرَ إِلَى الْقَبْضِ (٢) .

وَقَال بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ: إِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ مَكِيلاً أَوْ مَوْزُونًا لاَ يَلْزَمُ رَهْنُهُ إِلاَّ بِالْقَبْضِ، وَفِيمَا عَدَاهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ إِحْدَاهُمَا: لاَ يَلْزَمُ إِلاَّ بِالْقَبْضِ، وَالأُْخْرَى: يَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَالْبَيْعِ (٣) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَلْزَمُ عَقْدُ الرَّهْنِ بِالْعَقْدِ، ثُمَّ يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى التَّسْلِيمِ لِلْمُرْتَهِنِ، لأَِنَّهُ عَقْدٌ يَلْزَمُ بِالْقَبْضِ، فَيَلْزَمُ بِالْعَقْدِ قَبْلَهُ كَالْبَيْعِ (٤) .

هَذَا، وَإِذَا شُرِطَ الرَّهْنُ أَوِ الْكَفِيل فِي عَقْدٍ مَا ثُمَّ لَمْ يَفِ الْمُلْتَزِمُ بِالشَّرْطِ فَلِلآْخَرِ الْفَسْخُ.


(١) سورة البقرة / ٢٨٣
(٢) أسنى المطالب ٢ / ١٥٥، نهاية المحتاج ٤ / ٢٥٣، المغني ٤ / ٣٦٤، وحاشية ابن عابدين ٥ / ٣٠٨
(٣) المغني ٤ / ٣٦٤
(٤) بداية المجتهد ٢ / ٢٤٥، وحاشية البناني على شرح الزرقاني ٥ / ٢٣٣