للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال الْقَسْطَلاَّنِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ مَالِكًا لَمَّا سَأَلَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ الْعَبَّاسِيُّ - ثَانِي خُلَفَاء بَنِي الْعَبَّاسِ - يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَأَسْتَقْبِل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَدْعُو أَمْ أَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ وَأَدْعُو؟

فَقَال لَهُ مَالِكٌ: وَلِمَ تَصْرِفْ وَجْهَك عَنْهُ وَهُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَل يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ بَل اسْتَقْبِلْهُ وَاسْتَشْفِعْ بِهِ فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ.

وَقَدْ رَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ فِهْرٍ فِي كِتَابِهِ " فَضَائِل مَالِكٍ " بِإِسْنَادٍ لاَ بَأْسَ بِهِ وَأَخْرَجَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ مِنْ طَرِيقِهِ عَنْ شُيُوخٍ عِدَّةٍ مِنْ ثِقَاتِ مَشَايِخِهِ (١) .

وَقَال النَّوَوِيُّ فِي بَيَانِ آدَابِ زِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثُمَّ يَرْجِعُ الزَّائِرُ إِلَى مَوْقِفٍ قُبَالَةَ وَجْهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَتَوَسَّل بِهِ وَيَسْتَشْفِعُ بِهِ إِلَى رَبِّهِ، وَمِنْ أَحْسَنِ مَا يَقُول (الزَّائِرُ) مَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَسَائِرُ أَصْحَابِنَا عَنِ الْعُتْبِيِّ مُسْتَحْسِنِينَ لَهُ قَال: كُنْت جَالِسًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَال: السَّلاَمُ عَلَيْك يَا رَسُول اللَّهِ. سَمِعْتُ اللَّهَ تَعَالَى يَقُول: {


(١) شرح المواهب ٨ / ٣٠٤ - ٣٠٥، والمدخل ١ / ٢٤٨، ٢٥٢، ووفاء الوفاء ٤ / ١٣٧١ وما بعدها، والفواكه الدواني ٢ / ٤٦٦، وشرح أبي الحسن على رسالة القيرواني ٢ / ٤٧٨، والقوانين الفقهية ص١٤٨.