للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَل بِحُزْنٍ، فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا. (١)

الْبُكَاءُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ:

١٤ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْبُكَاءَ إِنْ كَانَ قَاصِرًا عَلَى خُرُوجِ الدَّمْعِ فَقَطْ بِلاَ صَوْتٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، قَبْل الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ، وَمِثْلُهُ غَلَبَةُ الْبُكَاءِ بِصَوْتٍ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ، وَمِثْلُهُ حُزْنُ الْقَلْبِ. وَاتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى تَحْرِيمِ النَّدْبِ بِتَعْدَادِ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ بِرَفْعِ صَوْتٍ، إِلاَّ مَا نُقِل فِي الْفُرُوعِ عَنْ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ.

وَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ النُّوَاحِ وَشَقِّ الْجَيْبِ أَوِ الثَّوْبِ وَلَطْمِ الْخَدِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، إِلاَّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ عَبَّرُوا فِي ذَلِكَ بِالْكَرَاهَةِ، وَمُرَادُهُمُ الْكَرَاهَةُ التَّحْرِيمِيَّةُ، وَبِذَلِكَ لاَ يَكُونُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ خِلاَفٌ.

وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْبُكَاءُ بِصَوْتٍ وَغَيْرَ مَصْحُوبٍ بِنِيَاحَةٍ وَنَدْبٍ أَوْ شَقِّ جَيْبٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ جَائِزٌ، وَاشْتَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ عَدَمَ الاِجْتِمَاعِ لِلْبُكَاءِ، وَإِلاَّ كُرِهَ. (٢)


(١) حديث: " إن هذا القرآن نزل بحزن فإذا. . . " سبق تخريجه (ف١) .
(٢) فتاوى قاضيخان والبزازية مع الفتاوى الهندية ١ / ١٩٠، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار ١ / ٣٨٣، وحاشية ابن عابدين ١ / ٦٠٧، وحاشية الدسوقي ١ / ٤٢٢، جواهر الإكليل ١ / ١١٢، مواهب الجليل مع التاج والإكليل ٢ / ٢٣٥، والخرشي مع حاشية العدوي ٢ / ١٣٣.