للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هَذِهِ لِلسَّبِيل إِنْ تَعَارَفُوا وَقْفًا مُؤَبَّدًا، كَانَ كَذَلِكَ. وَإِلاَّ سُئِل فَإِنْ قَال: أَرَدْتُ الْوَقْفَ صَارَ وَقْفًا؛ لأَِنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِل ذَلِكَ، أَوْ قَال: أَرَدْتُ مَعْنَى الصَّدَقَةِ فَهُوَ نَذْرٌ، فَيَتَصَدَّقُ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا.

وَإِنْ لَمْ يَنْوِ كَانَتْ مِيرَاثًا. (١)

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلاَمِهِمْ أَنَّ جَعْل الشَّيْءِ فِي السَّبِيل يَقْتَضِي التَّصَدُّقَ بِعَيْنِهِ مَا لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إِلَى مَعْنَى وَقْفِ الْعَيْنِ وَالتَّصَدُّقِ بِثَمَرَتِهَا أَوْ مَنْفَعَتِهَا. (٢)

الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:

٢ - التَّسْبِيل قُرْبَةٌ مَنْدُوبٌ إِلَيْهَا بِالاِتِّفَاقِ؛ لِحَدِيثِ إِذَا مَاتَ الإِْنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ: إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ (٣) وقَوْله تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} (٤) وَفَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قَدْ مَلَكَ مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ فَقَال: قَدْ أَصَبْتُ مَالاً لَمْ أُصِبْ مِثْلَهُ، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَقَرَّبَ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى،


(١) البحر الرائق ٥ / ٢٠٥، ٢٠٦، والفتاوى الهندية ٢ / ٣٥٧ - ٣٥٩.
(٢) الدسوقي ٤ / ٨٤، ٨٥، والحطاب ٦ / ٢٨.
(٣) حديث: " إذا مات الإنسان انقطع عمله. . . " أخرجه مسلم ٣ / ١٢٥٥ ط عيسى الحلبي من حديث أبي هريرة.
(٤) سورة الحج / ٧٧.