للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أ - الْبَقَاءُ عَلَى الأَْصْل:

١١ - وَهَذَا مَا يُعْرَفُ بِالإِْبَاحَةِ الأَْصْلِيَّةِ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ أَوْ فَعَلَهُ. وَيَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ فِيمَا كَانَ قَبْل الْبَعْثَةِ.

وَهُنَاكَ تَفْصِيلاَتٌ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْكَلاَمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ، أَوْ فِي كُتُبِ عِلْمِ الْكَلاَمِ. وَهَذَا الْخِلاَفُ لاَ مُحَصِّل لَهُ الآْنَ بَعْدَ وُرُودِ الْبَعْثَةِ، إِذْ دَل النَّصُّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَلَى أَنَّ الأَْصْل فِي الأَْشْيَاءِ الإِْبَاحَةُ. قَال تَعَالَى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَْرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (١)

ب - مَا جُهِل حُكْمُهُ:

١٢ - قَدْ يَكُونُ الْجَهْل مَعَ وُجُودِ الدَّلِيل، وَلَكِنَّ الْمُكَلَّفَ - مُجْتَهِدًا أَوْ غَيْرَ مُجْتَهِدٍ - لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ، أَوِ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُجْتَهِدُ وَلَمْ يَسْتَطِعْ اسْتِنْبَاطَ الْحُكْمِ.

وَالْقَاعِدَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجَهْل بِالأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ إِنَّمَا يَكُونُ عُذْرًا إِذَا تَعَذَّرَ عَلَى الْمُكَلَّفِ الاِطِّلاَعُ عَلَى الدَّلِيل، وَكُل مَنْ كَانَ فِي إِمْكَانِهِ الاِطِّلاَعُ عَلَى الدَّلِيل وَقَصَّرَ فِي تَحْصِيلِهِ لاَ يَكُونُ مَعْذُورًا. وَيُفَصِّل الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوَاطِنِهَا.

وَمَنْ عُذِرَ بِجَهْلِهِ فَهُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِحُكْمِ الْفِعْل، فَلاَ يُوصَفُ فِعْلُهُ بِالإِْبَاحَةِ بِالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيِّ الَّذِي فِيهِ خِطَابٌ بِالتَّخْيِيرِ. وَإِنْ كَانَ الإِْثْمُ مَرْفُوعًا عَنْهُ بِعُذْرِ الْجَهْل. (٢)


(١) سورة الجاثية / ١٣
(٢) تيسير التحرير ٤ / ٢٢١، ٢٢٧، والتقرير والتحبير ٣ / ٣١٢ الأميرية ١٣١٦ هـ، والفروق ٢ / ١٥٠ ط دار إحياء الكتب العربية ١٣٤٤ هـ