للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَلِكَ بِتَهْدِيدِهِ بِالْقَتْل، أَوْ بِقَطْعِ طَرَفٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا، إِنْ لَمْ يَفْعَل مَا يُطْلَبْ مِنْهُ (وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ إِكْرَاهٌ) ، وَقَدْ عَدَّ الشَّارِعُ الإِْكْرَاهَ بِغَيْرِ حَقٍّ عُذْرًا مِنَ الأَْعْذَارِ الْمُخَفِّفَةِ، الَّتِي تَسْقُطُ بِهَا الْمُؤَاخَذَةُ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، فَتُخُفِّفَ عَنِ الْمُكْرَهِ مَا يَنْتُجُ عَمَّا أُكْرِهَ عَلَيْهِ مِنْ آثَارٍ دُنْيَوِيَّةٍ، أَوْ أُخْرَوِيَّةٍ، بِحُدُودِهِ (١) .

وَشَبِيه بِمَسْأَلَةِ الإِْكْرَاهِ مَسْأَلَةُ التَّقِيَّةِ فَإِنَّ التَّقِيَّةَ أَنْ يَرْتَكِبَ الْمُحَرَّمَ عِنْدَ الْخَوْفِ مِنْ مَكْرُوهٍ دُونَ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَيْهِ إِكْرَاهٌ مُعَيَّنٌ، أَوْ يَتْرُكَ الْوَاجِبَ لأَِجْل ذَلِكَ (٢) . وَلَهَا ضَوَابِطُ فِيمَا يَحِل بِهَا (ر: تَقِيَّةٌ) .

السَّبَبُ الرَّابِعُ: النِّسْيَانُ:

٣٥ - النِّسْيَانُ هُوَ عَدَمُ اسْتِحْضَارِ الإِْنْسَانِ مَا كَانَ يَعْلَمُهُ، بِدُونِ نَظَرٍ وَتَفْكِيرٍ، مَعَ عِلْمِهِ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ (٣) . وَقَدْ جَعَلَتْهُ الشَّرِيعَةُ عُذْرًا وَسَبَبًا مُخَفِّفًا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (٤) . فَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ رَفَعَ عَنَّا إِثْمَ الْغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ، وَالْخَطَأِ غَيْرِ الْمَقْصُودِ. فَفِي أَحْكَامِ


(١) المبسوط للسرخسي ٢٤ / ٣٩ وما بعدها، والأم ٢ / ٢١٠، والمهذب ٢ / ٧٨، والمغني ٨ / ٢٦١، وكشف الأسرار ٤ / ٣٨٣، والأشباه والنظائر ص٢٢٨.
(٢) فتاوى ابن تيمية ١٩ / ٢١٧.
(٣) مسلم الثبوت ١ / ١٧٠.
(٤) سورة البقرة / ٢٨٦.