للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ: أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكُمْ، وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، فَقَال الصَّحَابَةُ: يَا رَسُول اللَّهِ، أَنَكْتُبُ هَذَا؟ قَال: نَعَمْ، إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ سَيَجْعَل اللَّهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا (١) ، وَحِينَئِذٍ فَلاَ يَلْزَمُهُمُ الرَّدُّ، وَكَذَا إِنْ أَطْلَقَ الْعَقْدَ فَلاَ يَلْزَمُهُمُ الرَّدُّ، وَلَكِنْ يُغَرَّمُونَ مَهْرَ الْمُرْتَدَّةِ؛ لأَِنَّهُمْ فَوَّتُوا عَلَيْنَا الاِسْتِتَابَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْنَا؛ وَكَذَلِكَ يُغَرَّمُونَ قِيمَةَ الرَّقِيقِ الْمُرْتَدِّ (٢) .

عَقْدُ الْهُدْنَةِ بِشَرْطٍ مَحْظُورٍ لِلضَّرُورَةِ:

١٢ - يَجُوزُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ عَقْدُ الْهُدْنَةِ بِشَرْطٍ مَحْظُورٍ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ بَذْل الْمَال لِلْكُفَّارِ.

فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ عَقْدِ الْهُدْنَةِ عَلَى مَالٍ يَبْذُلُهُ الْمُسْلِمُونَ لأَِهْل الْحَرْبِ مَا لَمْ تَدْعُ إِلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعَزَّ الإِْسْلاَمَ وَأَهْلَهُ وَأَظْهَرَهُ عَلَى الأَْدْيَانِ كُلِّهَا وَجَعَل لَهُمُ الْجَنَّةَ قَاتِلِينَ وَمَقْتُولِينَ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيل


(١) حَدِيث: " إِنَّ الْمُشَارِكِينَ اشْتَرَطُوا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. . . " أَخْرَجَهُ مُسْلِم (٣ / ١٤١١ - ط الْحَلَبِيّ)
(٢) تُحْفَة الْمُحْتَاج ٩ / ٣١١، ومغني الْمُحْتَاج ٤ / ٤٦٣ وَمَا بَعْدَهَا، وشرح رَوَّضَ الطَّالِبُ ٤ / ٢٢٨