للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَى الأَْئِمَّةِ الْجَائِرِينَ، وَإِلَى الْبُغَاةِ:

١٤٣ - إِنْ أَخَذَ الإِْمَامُ الْجَائِرُ الزَّكَاةَ قَهْرًا أَجْزَأَتْ عَنْ صَاحِبِهَا.

وَكَذَا إِنْ أَكْرَهَ الإِْمَامُ الْمُزَكِّيَ فَخَافَ الضَّرَرَ إِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا إِلَيْهِ.

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الاِمْتِنَاعِ عَنْ دَفْعِهَا إِلَى الإِْمَامِ الْجَائِرِ، أَوْ عَلَى إِخْفَاءِ مَالِهِ، أَوْ إِنْكَارِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ:

فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ دَفْعِهَا إِلَى الإِْمَامِ حِينَئِذٍ، وَأَنَّهَا لاَ تُجْزِئُ عَنْ دَافِعِهَا عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي:

فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا أَخَذَ الْخَوَارِجُ وَالسَّلاَطِينُ الْجَائِرُونَ زَكَاةَ الأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ كَزَكَاةِ السَّوَائِمِ وَالزُّرُوعِ وَمَا يَأْخُذُهُ الْعَاشِرُ، فَإِنْ صَرَفُوهُ فِي مَصَارِفِهِ الْمَشْرُوعَةِ فَلاَ إِعَادَةَ عَلَى الْمُزَكِّي، وَإِلاَّ فَعَلَى الْمُزَكِّي فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إِعَادَةُ إِخْرَاجِهَا. وَفِي حَالَةِ كَوْنِ الآْخِذِ لَهَا الْبُغَاةَ لَيْسَ لِلإِْمَامِ أَنْ يُطَالِبَ أَصْحَابَ الأَْمْوَال بِهَا؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَحْمِهِمْ مِنَ الْبُغَاةِ، وَالْجِبَايَةُ بِالْحِمَايَةِ، وَيُفْتَى الْبُغَاةُ بِأَنْ يُعِيدُوا مَا أَخَذُوهُ مِنَ الزَّكَاةِ.

وَأَمَّا الأَْمْوَال الْبَاطِنَةُ فَلاَ يَصِحُّ دَفْعُهَا إِلَى السُّلْطَانِ الْجَائِرِ (١) .

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ دَفَعَهَا إِلَى السُّلْطَانِ الْجَائِرِ


(١) فتح القدير ١ / ٥١٢، وحاشية ابن عابدين ٢ / ٢٤، والفتاوى الهندية ١ / ١٩٠.