للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِْمَامِ أَفْضَل مِنْ تَفْرِيقِهَا بِنَفْسِهِ؛ لأَِنَّهُ أَعْرَفُ بِالْمُسْتَحِقِّينَ، وَأَقْدَرُ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمْ، وَبِهِ يَبْرَأُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (١) .

ثُمَّ قَال الْحَنَابِلَةُ: تَفْرِقَتُهَا بِنَفْسِهِ، أَوْلَى وَأَفْضَل مِنْ دَفْعِهَا إِلَى الإِْمَامِ، لأَِنَّهُ إِيصَالٌ لِلْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، فَيَسْلَمُ عَنْ خَطَرِ الْخِيَانَةِ مِنَ الإِْمَامِ أَوْ عُمَّالِهِ؛ وَلأَِنَّ فِيهِ مُبَاشَرَةَ تَفْرِيجِ كُرْبَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا، وَفِيهِ تَوْفِيرٌ لأَِجْرِ الْعِمَالَةِ، مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إِعْطَاءِ مَحَاوِيجِ أَقْرِبَائِهِ، وَذَوِي رَحِمِهِ، وَصِلَتِهِمْ بِهَا، إِلاَّ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَثِقْ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ فَالأَْفْضَل لَهُ دَفْعُهَا إِلَى السَّاعِي، لِئَلاَّ يَمْنَعَهُ الشُّحُّ مِنْ إِخْرَاجِهَا.

أَمَّا لَوْ طَلَبَ الإِْمَامُ الْعَادِل الزَّكَاةَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الدَّفْعُ إِلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَال ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا، وَالْخِلاَفُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ جَمْعَ زَكَاةِ الْمَال الْبَاطِنِ لاَ يُبِيحُ مَعْصِيَتَهُ فِي ذَلِكَ إِنْ طَلَبَهُ، لأَِنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ، وَأَمْرُ الإِْمَامِ يَرْفَعُ الْخِلاَفَ كَحُكْمِ الْقَاضِي، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ.

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الإِْمَامَ الْعَدْل إِنْ طَلَبَهَا فَادَّعَى الْمَالِكُ إِخْرَاجَهَا لَمْ يُصَدَّقْ (٢) .


(١) المغني ٢ / ٦٤٤، وشرح المنهاج ٢ / ٤٢، وتحفة المحتاج ٣ / ٣٤٤.
(٢) الدسوقي ١ / ٥٠٣.