للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحِنْثِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، فَلاَ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ، كَالصَّلاَةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ؛ وَلأَِنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ بِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَال الْمَالِيَّةِ. وَالْعَجْزُ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْوُجُوبِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِِلَى عَدَمِ جَوَازِ تَعْجِيل كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَبْل الْحِنْثِ؛ لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ لِسَتْرِ الْجِنَايَةِ، وَلاَ جِنَايَةَ قَبْل الْحِنْثِ. (١)

١٥ - ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ التَّعْجِيل اخْتَلَفُوا فِي أَيِّهِمَا أَفْضَل: التَّكْفِيرُ قَبْل الْحِنْثِ أَمْ بَعْدَهُ؟ .

فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَصَوَّبَهُ الْمِرْدَاوِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِِلَى أَنَّ تَأْخِيرَهَا عَنِ الْحِنْثِ أَفْضَل، خُرُوجًا مِنَ الْخِلاَفِ. وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ: أَنَّ التَّكْفِيرَ قَبْل الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ فِي الْفَضِيلَةِ سَوَاءٌ، وَذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّوْمِ، لِتَعْجِيل النَّفْعِ لِلْفُقَرَاءِ. (٢)

تَعْجِيل كَفَّارَةِ الظِّهَارِ:

١٦ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ تَعْجِيل كَفَّارَةِ


(١) الهداية وشرحها بتصرف (٤ / ٢ ط. الأولى بولاق) .
(٢) حاشية ابن عابدين ٣ / ٦٠ وما بعدها، ومواهب الجليل ٣ / ٢٧٥، وحاشية الدسوقي ٢ / ١٣٣، وشرح روض الطالب ٤ / ٢٤٥، وكشاف القناع ٦ / ٢٤٣ وما بعدها، والإنصاف ١١ / ٤٢ وما بعدها.