للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْيَمِينُ قَسَمًا، وَلَزِمَهُ مَا عَلَّقَهُ عَلَى جِمَاعِهَا إِنْ لَمْ تَكُنِ الْيَمِينُ قَسَمًا؛ لأَِنَّ الْيَمِينَ إِذَا كَانَتْ لَهَا مُدَّةٌ فَإِنَّهَا تَبْقَى مَا بَقِيَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ، وَلاَ تَبْطُل إِلاَّ بِالْحِنْثِ، وَهُوَ فِعْل الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَبْل مُضِيِّ مُدَّةِ الْيَمِينِ، أَوْ بِمُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِدُونِ حِنْثٍ.

وَإِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً لَمْ تُقَيَّدْ بِمُدَّةٍ، أَوْ ذُكِرَتْ فِيهَا كَلِمَةُ الأَْبَدِ، فَإِنَّهَا لاَ تَبْطُل إِلاَّ بِالْحِنْثِ، وَهُوَ فِعْل الشَّيْءِ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِهِ (وَهُوَ فِي الإِْيلاَءِ الْجِمَاعُ) فَإِذَا لَمْ يُوجَدِ الْحِنْثُ فَالْيَمِينُ بَاقِيَةٌ (١) .

ثَانِيًا: بَقَاءُ الإِْيلاَءِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِمَا دُونَ الثَّلاَثِ:

٢٧ - إِذَا آلَى الرَّجُل مِنْ زَوْجَتِهِ، وَكَانَ الإِْيلاَءُ مُؤَبَّدًا أَوْ مُطْلَقًا عَنِ التَّوْقِيتِ، بِأَنْ قَال: وَاللَّهِ لاَ أَقْرَبُ زَوْجَتِي أَبَدًا، أَوْ قَال: وَاللَّهِ لاَ أَقْرَبُ زَوْجَتِي وَلَمْ يَذْكُرْ وَقْتًا، ثُمَّ أَبَانَهَا بِمَا دُونَ الثَّلاَثِ، وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، كَانَ الإِْيلاَءُ بَاقِيًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ جَمِيعًا، مَا عَدَا الشَّافِعِيَّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ الثَّلاَثَةِ، فَإِنَّ الإِْيلاَءَ يَنْتَهِي عِنْدَهُ بِالطَّلاَقِ الْبَائِنِ بِمَا دُونَ الثَّلاَثِ، كَمَا يَنْتَهِي بِالطَّلاَقِ الثَّلاَثِ.

وَبِنَاءً عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي بَقَاءِ الإِْيلاَءِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِمَا دُونَ الثَّلاَثِ، لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الزَّوَاجِ وَلَمْ يُجَامِعْهَا، وَقَعَتْ طَلْقَةً بَائِنَةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: يُؤْمَرُ بِالْفَيْءِ، فَإِنْ أَبَى وَلَمْ يُطَلِّقْ، طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي. وَكَذَلِكَ لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَمَا وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلاَقُ الثَّانِي، وَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَمْ يَقْرَبْهَا فِيهَا مُنْذُ تَزَوَّجَهَا: وَقَعَتْ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ. أَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِمْ فَيُؤْمَرُ بِالْفَيْءِ أَوِ الطَّلاَقِ،


(١) البدائع ٣ / ١٧٩، والمراجع السابقة.