للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النِّعْمَةِ، فَإِِنْ لَمْ تَحْصُل فَلاَ يُحِبُّ زَوَالَهَا عَنْهُ.

وَهَذَا الأَْخِيرُ هُوَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ إِنْ كَانَ فِي شَأْنٍ دُنْيَوِيٍّ، وَالْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ فِي شَأْنٍ دِينِيٍّ، وَالثَّالِثَةُ فِيهَا مَذْمُومٌ وَغَيْرُ مَذْمُومٍ، وَالثَّانِيَةُ أَخَفُّ مِنَ الثَّالِثَةِ، وَالأُْولَى مَذْمُومَةٌ مَحْضَةٌ. وَتَسْمِيَةُ هَذِهِ الرُّتْبَةِ الأَْخِيرَةِ حَسَدًا فِيهِ تَجَوُّزٌ وَتَوَسُّعٌ، وَلَكِنَّهُ مَذْمُومٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّل اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (١) فَتَمَنِّيهِ لِمِثْل ذَلِكَ غَيْرُ مَذْمُومٍ، وَأَمَّا تَمَنِّيهِ عَيْنَ ذَلِكَ فَهُوَ مَذْمُومٌ (٢) .

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

١٠ - الْحَسَدُ إِنْ كَانَ حَقِيقِيًّا، أَيْ بِمَعْنَى تَمَنِّي زَوَال النِّعْمَةِ عَنِ الْغَيْرِ فَهُوَ حَرَامٌ بِإِِجْمَاعِ الأُْمَّةِ، لأَِنَّهُ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْحَقِّ، وَمُعَانَدَةٌ لَهُ، وَمُحَاوَلَةٌ لِنَقْضِ مَا فَعَلَهُ، وَإِِزَالَةُ فَضْل اللَّهِ عَمَّنْ أَهَّلَهُ لَهُ، وَالأَْصْل فِي تَحْرِيمِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْمَعْقُول.

أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (٣) فَقَدْ أَمَرَنَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالاِسْتِعَاذَةِ مِنْ شَرِّ الْحَاسِدِ، وَشَرُّهُ كَثِيرٌ، فَمِنْهُ مَا هُوَ غَيْرُ مُكْتَسَبٍ وَهُوَ إِصَابَةُ الْعَيْنِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مُكْتَسَبٌ كَسَعْيِهِ فِي تَعْطِيل الْخَيْرِ عَنْهُ وَتَنْقِيصِهِ


(١) سورة النساء / ٣١.
(٢) إحياء علوم الدين ٣ / ١٨٨ ط الحلبي.
(٣) سورة الفلق / ٥.