للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَثَرُ تَخَلُّل الْخَمْرِ وَتَخْلِيلِهَا:

٣٣ - إِذَا تَخَلَّلَتِ الْخَمْرُ بِنَفْسِهَا بِغَيْرِ قَصْدِ التَّخْلِيل يَحِل ذَلِكَ الْخَل (١) بِلاَ خِلاَفٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. (٢) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {نِعْمَ الأُْدْمُ الْخَل} . (٣) وَيُعْرَفُ التَّخَلُّل بِالتَّغَيُّرِ مِنَ الْمَرَارَةِ إِلَى الْحُمُوضَةِ، بِحَيْثُ لاَ يَبْقَى فِيهَا مَرَارَةٌ أَصْلاً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، حَتَّى لَوْ بَقِيَ فِيهَا بَعْضُ الْمَرَارَةِ لاَ يَحِل شُرْبُهَا، لأَِنَّ الْخَمْرَ عِنْدَهُ لاَ تَصِيرُ خَلًّا إِلاَّ بَعْدَ تَكَامُل مَعْنَى الْخَلِيَّةِ فِيهِ. كَمَا لاَ يَصِيرُ الْعَصِيرُ خَمْرًا إِلاَّ بَعْدَ تَكَامُل مَعْنَى الْخَمْرِيَّةِ. وَقَال الصَّاحِبَانِ: تَصِيرُ الْخَمْرُ خَلًّا بِظُهُورِ قَلِيلٍ مِنَ الْحُمُوضَةِ فِيهَا، اكْتِفَاءً بِظُهُورِ الْخَلِّيَّةِ فِيهِ، كَمَا أَنَّ الْعَصِيرَ يَصِيرُ خَمْرًا بِظُهُورِ دَلِيل الْخَمْرِيَّةِ، كَمَا أَشَرْنَا فِي بَيَانِ مَذْهَبِهِمَا.

تَخْلِيل الْخَمْرِ بِعِلاَجٍ:

٣٤ - قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ لاَ يَحِل تَخْلِيل الْخَمْرِ بِالْعِلاَجِ كَالْخَل وَالْبَصَل وَالْمِلْحِ، أَوْ إِيقَادُ نَارٍ عِنْدَهَا، وَلاَ تَطْهُرُ حِينَئِذٍ، لأَِنَّنَا مَأْمُورُونَ بِاجْتِنَابِهَا، فَيَكُونُ التَّخْلِيل اقْتِرَابًا مِنَ الْخَمْرِ عَلَى وَجْهِ التَّمَوُّل، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلأَْمْرِ بِالاِجْتِنَابِ، وَلأَِنَّ الشَّيْءَ الْمَطْرُوحَ فِي الْخَمْرِ يَتَنَجَّسُ بِمُلاَقَاتِهَا


(١) الخل معروف، والجمع خلول، سمي بذلك؛ لأنه اختل منه طعم الحلاوة، يقال: اختل الشيء: إذا تغير واضطرب (ر: المصباح المنير) .
(٢) المحلى ١ / ١١٧، والبحر الزخار ٤ / ٣٥١ وما بعدها، والروضة البهية ٢ / ٢٩٠.
(٣) وفي لفظ: " نعم الإدام الخل " رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن الأربعة عن جابر بن عبد الله، وأخرجه مسلم عن عائشة، ورواه الحاكم والبيهقي عن آخرين (نصب الراية ٤ / ٣١٠، والمقاصد الحسنة للسخاوي ص ٤٤٧) .