للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَالِثًا: أَثَرُ الْعَاهَةِ تُصِيبُ الْمُسْلَمَ فِيهِ:

٣٧ - إِذَا لَمْ يُوجَدِ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ حُلُول الأَْجَل، بِأَنْ أَصَابَتْهُ عَاهَةٌ أَوْ جَائِحَةٌ فَانْقَطَعَ جِنْسُ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ الْمَحَل وَلَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُهُ، فَالْحَنَفِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ، لأَِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْمُسْلِمِ وُجُودَ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ الْعَقْدِ، وَعِنْدَ حُلُول الأَْجَل، وَفِيمَا بَيْنَهُمَا.

وَالْجُمْهُورُ يُرَجِّحُونَ تَخْيِيرَ الْمُسْلِمِ مَعَ بَقَاءِ الْعَقْدِ صَحِيحًا؛ لأَِنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، فَأَشْبَهَ مَا إِذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ لاَ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، وَلَكِنْ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى مَقْدُورٍ فِي الظَّاهِرِ، وَهَذَا يَسْتَوْجِبُ صِحَّةَ الْعَقْدِ وَعُرُوضُ الاِنْقِطَاعِ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ، وَذَلِكَ لاَ يَقْتَضِي إِلاَّ الْخِيَارَ (١) .

وَقَدْ وَافَقَ الْحَنَفِيَّةُ - غَيْرَ زُفَرَ - الْجُمْهُورَ فِيمَا إِذَا كَانَ الاِنْقِطَاعُ بَعْدَ حُلُول الأَْجَل وَقَبْل التَّسْلِيمِ، فَقَالُوا: لاَ يَبْطُل الْعَقْدُ، وَالْخِيَارُ لِرَبِّ الْمَال: إِنْ شَاءَ فَسَخَ، وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ وَانْتُظِرَ وُجُودُهُ (٢) .


(١) انظر فتح العزيز للرافعي بشرح الوجيز هامش المجموع ٩ / ٢٤٥، والمبدع لابن مفلح ٤ / ١٩٣.
(٢) فتح القدير ٧ / ٨٢، وتبيين الحقائق ٤ / ١١٣، والشرح الصغير ٤ / ٣٧٠، والمغني ٤ / ٢٦.