للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِصَيْدِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ، لأَِنَّهُ لَوْ كَانَ لِصَيْدِ الْمَدِينَةِ حُرْمَةُ الْحَرَمِ، لَمَا نَاوَلَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. صَبِيًّا (١) . وَقَالُوا: إِنَّ هَذِهِ بُقْعَةٌ يَجُوزُ دُخُولُهَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ فَلاَ يَجِبُ بِصَيْدِ حَرَمِهَا جَزَاءٌ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْبُلْدَانِ، بِخِلاَفِ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَدْخُلَهُ إِلاَّ مُحْرِمًا (٢) .

الْقَوْل الثَّانِي: وُجُوبُ الْجَزَاءِ بِقَتْل صَيْدِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ (٣) .

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لأَِهْلِهَا، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ (٤) .

وَوَجْهُ الدَّلاَلَةِ: أَنَّ الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ حَرَّمَ الْمَدِينَةَ، كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، فَيَجِبُ فِي قَتْل صَيْدِهِ الْجَزَاءُ كَمَا يَجِبُ فِي قَتْل صَيْدِ حَرَمِ مَكَّةَ، لاِسْتِوَائِهِمَا فِي التَّحْرِيمِ (٥) .

تَعَدُّدُ الْجَزَاءِ بِقَتْل الصَّيْدِ وَالأَْكْل مِنْهُ:

٤٠ - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا


(١) المبسوط ٤ / ١٠٥.
(٢) المبسوط ٤ / ١٠٥، والمغني ٣ / ٣٥٤.
(٣) المغني ٣ / ٣٥٤، والمجموع ٧ / ٤٨٠ - ٥١٤.
(٤) حديث: " إن إبراهيم حرم مكة. . . ". أخرجه مسلم (١ / ٩٩١) عن عبد الله بن زيد بن عاصم.
(٥) المغني ٣ / ٣٥٤، المجموع ٧ / ٤٨٠، ٥١٤.