للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لاَ وَلِيَّ لَهُ " (١) ، وَلاَ يُقَال يُمْكِنُ حَمْل النَّفْيِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ " عَلَى نَفْيِ الْكَمَال، لأَِنَّ كَلاَمَ الشَّارِعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ، أَيْ لاَ نِكَاحَ مَوْجُودٌ فِي الشَّرْعِ إِلاَّ بِوَلِيٍّ.

وَقَالُوا: إِنَّ النِّكَاحَ لاَ يَصِحُّ بِدُونِ وَلِيٍّ لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ، وَلأَِنَّ الْمَرْأَةَ غَيْرُ مَأْمُونَةٍ عَلَى الْبُضْعِ لِنَقْصِ عَقْلِهَا وَسُرْعَةِ انْخِدَاعِهَا فَلَمْ يَجُزْ تَفْوِيضُهُ إِلَيْهَا كَالْمُبَذِّرِ فِي الْمَال، وَلَمْ يَصِحَّ أَنْ تُوَكِّل فِيهِ وَلاَ أَنْ تَتَوَكَّل فِيهِ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

وَقَالُوا: إِنْ حَكَمَ بِصِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ بِدُونِ وَلِيٍّ حَاكِمٌ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ، أَوْ كَانَ مُتَوَلِّي الْعَقْدِ حَاكِمًا يَرَاهُ لَمْ يُنْقَضْ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الأَْنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ إِذَا حَكَمَ بِهَا مَنْ يَرَاهَا لَمْ يُنْقَضْ لأَِنَّهُ يُسَوَّغُ فِيهَا الاِجْتِهَادُ فَلَمْ يَجُزْ نَقْضُ الْحُكْمِ بِهَا (٢) .

شُرُوطُ الْوَلِيِّ:

ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَلِيِّ فِي النِّكَاحِ شُرُوطٌ، اتَّفَقُوا عَلَى بَعْضِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِهَا، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:


(١) حديث عائشة: " أيما امرأة نكحت بغير وليها فنكاحها. . ". أخرجه الترمذي (٣ / ٤٠٧ط الحلبي) ، وقال: هذا حديث حسن
(٢) الإنصاف ٨ / ٦٦، وكشاف القناع ٥ / ٤٨، ٤٩.