للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالُوا: إِنَّ مِنَ الْمَعْقُول أَنَّ الْمَرْءَ لَوْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ مُبَاحٍ بَرَّ بِفِعْلِهِ، فَكَذَلِكَ إِذَا نَذَرَهُ، لأََنَّ النَّذْرَ كَالْيَمِينِ (١) .

مَا يُوجِبُهُ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِنَذْرِ الْمُبَاحِ:

١٩ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَلْزَمُ النَّاذِرَ لِلْمُبَاحِ إِنْ لَمْ يَفِ بِهِ، وَفِيمَا إِذَا كَانَتْ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أَمْ لاَ عَلَى اتِّجَاهَيْنِ:

الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: يَرَى أَصْحَابُهُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ مُبَاحًا فَلَمْ يَفِ بِهِ فَلاَ تَلْزَمُهُ كَثْرَةٌ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الأَْصَحُّ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ وَجْهٌ مُخَرَّجٌ فِي مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ (٢) .

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَفِ بِنَذْرِ الْمُبَاحِ بِالأَْحَادِيثِ الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى عَدَمِ الْوَفَاءِ بِهَذَا النَّذْرِ.

وَقَالُوا: إِنَّ نَذْرَ الْمُبَاحِ نَذْرٌ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ، فَلَمْ يُوجِبْ شَيْئًا كَالْيَمِينِ غَيْرِ الْمُنْعَقِدَةِ (٣) . وَكَذَلِكَ فَإِنَّ نَذْرَ الْمُبَاحِ لاَ يُوجِبُ عَلَى النَّاذِرِ فِعْل مَا نَذَرَهُ فَلاَ يُوجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةً، كَنَذْرِ الْمُسْتَحِيل (٤) .

وَأَضَافُوا: إِنَّ نَذْرَ الْمُبَاحِ نَذْرٌ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ


(١) الْمُغْنِي ٥ / ٩.
(٢) الدَّرّ الْمُخْتَار وَرَدّ الْمُحْتَارِ ٣ / ٦٧، وَكِفَايَة الطَّالِب الرَّبَّانِيّ ٣ / ٥٩، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٣ / ٣٠٣، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ ٨ / ٢٢٤، وَالْمُغْنِي ٩ / ٥ وَالْكَافِي ٤ / ٤١٨.
(٣) الْمُغْنِي ٩ / ٤.
(٤) الْمَصْدَر السَّابِق ٩ / ٥ - ٦.