للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلاَ تَشْرَبُوا مُسْكِرًا، مَنْ شَاءَ أَوْكَى سِقَاءَهُ عَلَى إِثْمٍ} (١) وَالْقَوْل بِنَسْخِ الاِنْتِبَاذِ فِي الأَْوْعِيَةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ قَوْل جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَمِنْهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ، فَلاَ يَحْرُمُ وَلاَ يُكْرَهُ الاِنْتِبَاذُ فِي أَيِّ وِعَاءٍ (٢) . وَقَال جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمَالِكٌ وَإِسْحَاقُ: يُكْرَهُ الاِنْتِبَاذُ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ، وَعَلَيْهِمَا اقْتَصَرَ مَالِكٌ، فَلاَ يُكْرَهُ الاِنْتِبَاذُ فِي غَيْرِ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ. وَكَرِهَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَالثَّوْرِيُّ الاِنْتِبَاذَ فِي الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الاِنْتِبَاذِ فِيهَا، فَالنَّهْيُ عِنْدَ هَؤُلاَءِ بَاقٍ، سَدًّا لِلذَّرَائِعِ، لأَِنَّ هَذِهِ الأَْوْعِيَةَ تُعَجِّل شِدَّةَ النَّبِيذِ.

حَالاَتُ الاِضْطِرَارِ:

١٩ - مَا سَبَقَ مِنْ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ أَوِ الأَْنْبِذَةِ عِنْدَ الإِْسْكَارِ إِنَّمَا هُوَ فِي الأَْحْوَال الْعَادِيَّةِ. أَمَّا عِنْدَ الاِضْطِرَارِ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ، وَيُرَخَّصُ شَرْعًا تَنَاوُل الْخَمْرِ، وَلَكِنْ بِمِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي تُبَاحُ بِهِ الْمُحَرَّمَاتُ، كَضَرُورَةِ الْعَطَشِ، أَوِ الْغَصَصِ، أَوِ الإِْكْرَاهِ، فَيَتَنَاوَل الْمُضْطَرُّ بِقَدْرِ مَا تَنْدَفِعُ بِهِ


(١) أي من شاء ربط بالخيط فم سقائه: (وعائه المصنوع من الجلد) للحفظ، مع أن فيه شرابا محرما، فيحتمل جزاء ذلك، والواجب عليه إراقته إن لم يتخلل (نيل الأوطار ٨ / ١٨٣) . وحديث: " ألا كنت نهيتكم عن النبيذ في الأوعية. . . . " أخرجه أحمد (٣ / ٤٨١ ط الميمنية) من حديث ابن الرسيم، وقال الهيثمي في المجمع (٥ / ١٦٣ ط القدسي) : فيه يحيى بن عبد الله الجابر، وهو ضعيف عند الجمهور، وابن الرسيم لم أعرفه.
(٢) المنتقى على الموطأ ٣ / ١٤٨، وبداية المجتهد ١ / ٤٩٠ - ٤٩١، والمغني ٨ / ٣١٧، والمدونة ٦ / ٢٦٣.