للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَإِنِ اسْتَوَى عِنْدَهُمُ الأَْمْرَانِ فَقَال الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: كَيْفَ شَاءُوا صَنَعُوا، وَقَال الأَْوْزَاعِيُّ: هُمَا مَوْتَتَانِ فَاخْتَرْ أَيْسَرَهُمَا،

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِوُجُوبِ الاِنْتِقَال مِنْ سَبَبِ الْمَوْتِ الَّذِي حَل، إِلَى سَبَبٍ آخَرَ إِنْ رَجَا بِهِ حَيَاةً، أَوْ طُولَهَا، وَلَوْ حَصَل لَهُ مَعَهَا مَا هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْمَوْتِ؛ لأَِنَّ حِفْظَ النُّفُوسِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ (١) .

الإِْحْرَاقُ فِي الْحَرْبِ:

٣١ - إِذَا قَدَرَ عَلَى الْعَدُوِّ بِالتَّغَلُّبِ عَلَيْهِ فَلاَ يَجُوزُ تَحْرِيقُهُ بِالنَّارِ مِنْ غَيْرِ خِلاَفٍ يُعْلَمُ، لِمَا رَوَى حَمْزَةُ الأَْسْلَمِيُّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّرَهُ عَلَى سَرِيَّةٍ، فَقَال: فَخَرَجْتُ فِيهَا، فَقَال: إِنْ أَخَذْتُمْ فُلاَنًا فَأَحْرِقُوهُ بِالنَّارِ فَوَلَّيْتُ، فَنَادَانِي، فَرَجَعْتُ، فَقَال: إِنْ أَخَذْتُمْ فُلاَنًا فَاقْتُلُوهُ وَلاَ تُحَرِّقُوهُ، فَإِنَّهُ لاَ يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلاَّ رَبُّ النَّارِ (٢) .

فَأَمَّا رَمْيُهُمْ بِالنَّارِ قَبْل الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ مَعَ إِمْكَانِ أَخْذِهِمْ بِغَيْرِ التَّحْرِيقِ فَلاَ يَجُوزُ؛ لأَِنَّهُمْ حِينَئِذٍ فِي حُكْمِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُمْ بِغَيْرِ التَّحْرِيقِ فَجَائِزٌ فِي قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، لِفِعْل الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي غَزَوَاتِهِمْ.

هَذَا وَإِنْ تَتَرَّسَ الْعَدُوُّ فِي الْحَرْبِ بِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنِ اضْطُرِرْنَا إِلَى رَمْيِهِمْ بِالنَّارِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَمَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى تَقْدِيرِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ.

وَالْحُكْمُ فِي الْبُغَاةِ وَالْمُرْتَدِّينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ


(١) حاشية الدسوقي ٢ / ١٨٣، ١٨٤، ونهاية المحتاج ٨ / ٣٠، والمغني لابن قدامة والشرح الكبير ١ / ٥٥٤، ٥٥٥
(٢) رواه أبو داود واختلف في توثيق راويه محمد بن حمزة