للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلاَفِ - كَمَا جَاءَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ - فِيمَنْ مَلَكَ تِسْعًا مِنَ الإِْبِل، فَهَلَكَ بَعْدَ الْحَوْل مِنْهَا أَرْبَعَةٌ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ عَلَى الأَْوَّل، وَيَسْقُطُ عَلَى الثَّانِي أَرْبَعَةُ أَتْسَاعِ شَاةٍ. (١)

هَذَا وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الأَْوْقَاصَ لاَ زَكَاةَ فِيهَا قَوْلاً وَاحِدًا؛ لأَِنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالنِّصَابِ فَقَطْ، فَلَوْ كَانَ لَهُ تِسْعُ إِبِلٍ مَغْصُوبَةٍ حَوْلاً، فَخَلَصَ مِنْهَا بَعِيرًا، لَزِمَهُ خُمُسِ شَاةٍ. (٢)

زَكَاةُ أَوْقَاصِ الْبَقَرِ:

٨ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي زَكَاةِ مَا زَادَ عَلَى الأَْرْبَعِينَ إِلَى السِّتِّينَ مِنَ الْبَقَرِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَقْصٌ لاَ زَكَاةَ فِيهَا، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَدَلِيل هَذَا الْقَوْل أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُل ثَلاَثِينَ مِنَ الْبَقَرِ تَبِيعًا أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُل أَرْبَعِينَ مُسِنًّا أَوْ مُسِنَّةً، فَقَالُوا: الأَْوْقَاصَ، فَقَال: مَا أَمَرَنِي فِيهَا بِشَيْءٍ، وَسَأَسْأَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ عَنِ الأَْوْقَاصِ فَقَال: لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ (٣) .

وَفَسَّرُوهَا بِمَا بَيْنَ أَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ؛ وَلأَِنَّ الأَْصْل فِي الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُل وَاجِبَيْنِ وَقْصٌ،


(١) ابن عابدين ٢ / ٢٠.
(٢) كشاف القناع ٢ / ١٨٩.
(٣) حديث: " لما بعث رسول الله. . . " أخرجه الدارقطني (٢ / ٩٩ - ط شركة الطباعة الفنية) والبزار كما في مجمع الزوائد (٣ / ٧٣ - ط دار السعادة) وقال الهيثمي: لم يتابع بقية - يعني ابن الوليد - على رفعه إلا الحسن بن عمارة والحسن ضعيف، وقد روي عن عطاء مرسلا.