للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَالْجِزْيَةُ الْعُشْرِيَّةُ - بِهَذَا الْوَصْفِ - تَدْخُل تَحْتَ الْجِزْيَةِ الصُّلْحِيَّةِ الَّتِي تَتِمُّ بِالاِتِّفَاقِ بَيْنَ الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَبَيْنَ أَهْل الذِّمَّةِ، فَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى جُزْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ كَمَا يَجُوزُ عَلَى أَشْخَاصِهِمْ. وَيُرْجَعُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا إِلَى مُصْطَلَحِ: (عُشْرٌ) .

طَبِيعَةُ الْجِزْيَةِ:

١٩ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِيقَةِ الْجِزْيَةِ، هَل هِيَ عُقُوبَةٌ عَلَى الإِْصْرَارِ عَلَى الْكُفْرِ، أَمْ أَنَّهَا عِوَضٌ عَنْ مُعَوَّضٍ، أَمْ أَنَّهَا صِلَةٌ مَالِيَّةٌ وَلَيْسَتْ عِوَضًا عَنْ شَيْءٍ؟

فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهَا وَجَبَتْ عُقُوبَةً عَلَى الإِْصْرَارِ عَلَى الْكُفْرِ، وَلِهَذَا لاَ تُقْبَل مِنَ الذِّمِّيِّ إِذَا بَعَثَ بِهَا مَعَ شَخْصٍ آخَرَ، بَل يُكَلَّفُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا بِنَفْسِهِ، فَيُعْطِي قَائِمًا وَالْقَابِضُ مِنْهُ قَاعِدٌ (١) .

وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢) } .

قَال ابْنُ عَبَّاسٍ - فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: {عَنْ يَدٍ} - يَدْفَعُهَا بِنَفْسِهِ غَيْرَ مُسْتَنِيبٍ فِيهَا أَحَدًا (٣) . فَلاَ بُدَّ


(١) الهداية ٢ / ١٦١، فتح القدير ٥ / ٢٩٦، الاختيار ٤ / ١٣٩، أحكام القرآن للجصاص ٣ / ١٠١، المقدمات ١ / ٣٩٤، أحكام القرآن لابن العربي ٢ / ٩٢٤.
(٢) سورة التوبة / ٢٩.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٨ / ١١٥.