للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتُجْبَرُ عَلَيْهَا لأَِجْل حَقِّ الزَّوْجِ وَالْوَلَدِ؛ لأَِنَّهَا مِنْ أَهْل إِيفَاءِ حُقُوقِ الْعِبَادِ.

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا لَوْ كَانَتِ الذِّمِّيَّةُ تَحْتَ ذِمِّيٍّ عَلَى قَوْلَيْنِ:

الْقَوْل الأَْوَّل: ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ الذِّمِّيُّ الذِّمِّيَّةَ أَوْ مَاتَ عَنْهَا، فَلاَ عِدَّةَ عَلَيْهَا إِذَا كَانَ دِينُهُمْ لاَ يُقِرُّ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فَوْرَ طَلاَقِهَا؛ لأَِنَّ الْعِدَّةَ لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا إِمَّا أَنْ تَجِبَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِحَقِّ الزَّوْجِ، وَلاَ سَبِيل إِلَى إِيجَابِهَا بِحَقِّ الزَّوْجِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَعْتَقِدُ حَقًّا لِنَفْسِهِ، وَلاَ وَجْهَ لإِِيجَابِهَا بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لأَِنَّ الْعِدَّةَ فِيهَا مَعْنَى الْقُرْبَةِ، وَهِيَ غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِالْقُرُبَاتِ، إِلاَّ إِذَا كَانَتْ حَامِلاً، فَإِنَّهَا تُمْنَعُ مِنَ النِّكَاحِ؛ لأَِنَّ وَطْءَ الزَّوْجِ الثَّانِي يُوجِبُ اشْتِبَاهَ النَّسَبِ، وَحِفْظُ النَّسَبِ حَقُّ الْوَلَدِ، فَلاَ يَجُوزُ إِبْطَال حَقِّهِ، فَكَانَ عَلَى الْحَاكِمِ اسْتِيفَاءُ حَقِّهِ بِالْمَنْعِ مِنَ الزَّوَاجِ حَتَّى تَضَعَ الْحَمْل، إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الذِّمِّيَّةَ الْحُرَّةَ غَيْرُ الْحَامِل إِذَا كَانَتْ تَحْتَ زَوْجٍ ذِمِّيٍّ مَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا، وَأَرَادَ مُسْلِمٌ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَوْ تَرَافَعَا إِلَيْنَا - وَقَدْ دَخَل بِهَا - فَعِدَّتُهَا ثَلاَثَةُ قُرُوءٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَل بِهَا حَلَّتْ مَكَانَهَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ (١) .


(١) البدائع للكاساني ٣ / ١٩١، ١٩٢، ١٩٣، ١٩٥، ١٩٧، فتح القدير ٤ / ٣٣٣، ٣٣٤ - ط. الحلبي. ٣ / ٢٨٩، ٢٩١ - ط. الأميرية، ابن عابدين ٢ / ٦٠٣، ٦١٤، جواهر الإكليل ١ / ٣٨٤، ٣٨٧، ٣٨٩، شرح منح الجليل على مختصر خليل ٢ / ٣٨١، حاشية الدسوقي ٢ / ٤٧٥، مغني المحتاج ٣ / ١٨٨، ١٩٦، ٢٠٠.