للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَيْرَ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ قَالُوا: إِنِ احْتَاجَ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُطْرِقُ لَهُ، جَازَ أَنْ يَبْذُل الْكِرَاءَ، وَلَيْسَ لِلْمُطْرِقِ أَخْذُهُ. قَال عَطَاءٌ: لاَ يَأْخُذُ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَهُ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُطْرِقُ لَهُ، وَلأَِنَّ ذَلِكَ بَذْل مَالٍ لِتَحْصِيل مَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهَا. وَقَالُوا: إِنْ أَطْرَقَ إِنْسَانٌ فَحْلَهُ بِغَيْرِ إِجَارَةٍ وَلاَ شَرْطٍ، فَأُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيَّةٌ، فَلاَ بَأْسَ. (١)

وَنُقِل عَنْ مَالِكٍ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَأَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ الْجَوَازُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ، تَشْبِيهًا لَهُ بِسَائِرِ الْمَنَافِعِ، وَلِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ، كَإِجَارَةِ الظِّئْرِ لِلرَّضَاعِ، وَلأَِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسْتَبَاحَ بِالإِْعَارَةِ، فَجَازَ أَنْ يُسْتَبَاحَ بِالإِْجَارَةِ، كَسَائِرِ الْمَنَافِعِ. (٢)

وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ تُفْضِيَ إِجَارَةُ الْحَيَوَانِ إِلَى بَيْعِ عَيْنٍ مِنْ نِتَاجِهِ، كَتَأْجِيرِ الشَّاةِ لأَِخْذِ لَبَنِهَا؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ الأَْصْلِيَّ فِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ هُوَ الْمَنْفَعَةُ لاَ الأَْعْيَانُ.

وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: تَجُوزُ إِجَارَةُ الْحَيَوَانِ لِلَبَنِهِ، وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الْمَذْهَبِ (٣) .

الْفَرْعُ الثَّالِثُ

إِجَارَةُ الأَْشْخَاصِ

١٠٢ - إِجَارَةُ الأَْشْخَاصِ تَقَعُ عَلَى صُورَتَيْنِ: أَجِيرٌ خَاصٌّ اسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَعْمَل لِلْمُسْتَأْجِرِ فَقَطْ


(١) الفتاوى الهندية ٤ / ٤٥٤، والمهذب ١ / ٣٩٤، والمغني ٦ / ١٣٣، ١٣٤، وكشاف القناع ٣ / ٤٧١
(٢) بداية المجتهد ٢ / ٢٤٥، والمهذب ١ / ٣٩٤ الفتاوى الهندية ٤ / ٤٤٥، ٤٤٦، وكشاف القناع ٣ / ٤٧١،
(٣) ومنهاج الطالبين ٣ / ٦٨