للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَغَيْرُهُمَا. قَال وَعَلَى هَذَا يَتَنَزَّل بَقِيَّةُ الآْثَارِ، لَكِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ النَّاسِخِ الثَّانِي (١) .

التَّوَارُثُ بِالْحِلْفِ:

١٢ - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِرْثِ الْحَلِيفِ مِنْ حَلِيفِهِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ مِيرَاثَ الْحَلِيفِ مَنْسُوخٌ أَصْلاً، فَلاَ تَوَارُثَ بِالْحِلْفِ، وَإِنَّمَا الْمِيرَاثُ بِرَحِمٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَلاَءٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلاَءِ فَتَرِكَتُهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْ فَتَكُونُ لِبَيْتِ الْمَال.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: إِلَى أَنَّ إِرْثَ الْحَلِيفِ بَاقٍ، قَالُوا: يَرِثُ الْحَلِيفُ كُل الْمَال، لَكِنْ بَعْدَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرِيبٌ وَلاَ وَارِثٌ بِنِكَاحٍ وَلاَ مَوْلَى عَتَاقَةٍ فَمِيرَاثُهُ لِحَلِيفِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِبَيْتِ الْمَال. وَنَقَل الْجَصَّاصُ نَحْوَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمِ وَالزُّهْرِيِّ. وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأُمُورٍ مِنْهَا:

أ - قَوْله تَعَالَى: {وَأُولُو الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} فَإِنَّ " أَوْلَى " صِيغَةُ تَفْضِيلٍ تُثْبِتُ أَصْل الْمِيرَاثِ لِلْحَلِيفِ، لَكِنْ تَجْعَل الْقَرِيبَ أَوْلَى مِنْهُ. قَال الْجَصَّاصُ: جَعَلَتِ الآْيَةُ ذَوِي


(١) فتح الباري ٨ / ٢٤٨، ٢٤٩، وتفسير القرطبي ٥ / ١٦٦، والطبري ٨ / ٢٦٩، ٢٧٥، ٢٧٦، وابن كثير ١ / ٤٨٩.