للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنِ الْمَشْيِ الْمَنْذُورِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ. وَذَلِكَ عَلَى ثَلاَثَةِ مَذَاهِبَ:

الْمَذْهَبُ الأَْوَّل: يَرَى أَصْحَابُهُ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْمَشْيِ الْمَنْذُورِ فَرَكِبَ وَهُوَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دَمٌ، وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَفْتَى بِهِ عَطَاءٌ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ: فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْكَبَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا عَنِ الْمَشْيِ، وَيَذْبَحَ لِرُكُوبِهِ شَاةً اسْتِحْسَانًا، وَقَال مَالِكٌ: مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ إِلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ مَاشِيًا فَعَجَزَ فِي مَشْيِهِ فَلْيَرْكَبْ فِيمَا عَجَزَ، فَإِذَا اسْتَرَاحَ نَزَل وَعَرِفَ أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ مِنَ الأَْرْضِ، ثُمَّ يَعُودُ ثَانِيَةً فَيَمْشِي أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ، وَلاَ يُجْزِئُهُ أَنْ يَمْشِيَ عِدَّةَ أَيَّامِ رُكُوبِهِ، إِذْ قَدْ يَرْكَبُ مَوَاضِعَ رُكُوبِهِ أَوَّلاً، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي رُجُوعِهِ ثَانِيَةً إِنْ كَانَ قَوِيًّا أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ، وَلَكِنْ يَمْشِي مَا رَكِبَ فَقَطْ، وَيُهْرِقُ دَمًا لِتَفْرِيقِ مَشْيِهِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ رَكِبَ لِعُذْرٍ أَجْزَأَهُ حَجُّهُ عَنْ نَذْرِهِ وَعَلَيْهِ دَمٌ فِي الأَْظْهَرِ، وَالْمُرَادُ بِالْعُذْرِ أَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ، كَنَظِيرِهِ فِي الْعَجْزِ عَنِ الْقِيَامِ فِي الصَّلاَةِ، وَالْعَجْزِ عَنْ صَوْمِ رَمَضَانَ بِالْمَرَضِ، وَقَيَّدَ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَ الدَّمِ بِمَا إِذَا رَكِبَ